إعداد: اسماعيل قاسمي
عن موقع "تحواس" الجزائري
الباردو هو متحف يختص في
عرض آثار ما قبل التاريخ ومقتنيات الاثنوغرافيا، أنشئ في 16 أفريل 1930م أثناء الحقبة
الاستعمارية، بنيت القاعات السفلى من المتحف في العهد الاستعماري بينما القصر هو بيت
من بيوت الفحص المبنية في المرحلة العثمانية أواخر القرن الثامن عشر، وسكنه العاصميون
إلى غاية 1926 حيث شراه الفرنسيون وجعلوا منه متحفا، وهو اليوم مغلق جزئيا لأجل الترميم،
بينما اكتملت الأشغال بأحد أقسامه ولا يزال مغلقا مؤقتا.
مدخل المتحف
المتحف في حد ذاته بناية
أثرية مصنفة ضمن المعالم التاريخية منذ سنة 1985، فقد تم تشييد القصر في أواخر القرن
الثامن عشر، ليكون إقامة صيفية “جنان” يلجأ إليه النبلاء للاستمتاع بالمواسم الجميلة،
متوفرة على الحدائق والأفنية والأحواض والينابيع والفوارات، وشهد القصر تغييرات وإضافات
عمرانية عديدة قام بها الفرنسيون في 1879 تمثلت في بناء إسطبلات وحظائر.
يتكون المتحف من نوعين
من المعروضات.. آثار ما قبل التاريخ يتم جلبها عن طريق الحفريات، وواضح في القانون
الجزائري أن “كل ما هو موجود تحت الأرض هو ملك للدولة”، وهي مجموعات أثرية حصل عليها
عن طريق الحفريات في المناطق العديدة من الوطن، وهي تعكس مختلف الحقب التاريخية التي
مرت عبها الجزائر، ابتداء من العصور الحجرية القديمة إلى عصور ما قبل التاريخ وفجره.
وتحف الإثنوغرافيا يتحصل عليها بالشراء أو الهبة بعد دراسات وبحوث الباحثين
من أجل الحصول على قطع قيمة من حيث طريقة صنعها وقديمة جدا من بين القطع المملوكة من
طرف العائلات في العديد من المناطق، ثم إعداد بطاقة تقنية خاصة بها بغية رفعها للجنة
مختلطة في الوزارة والتي تصادق عليها في أغلب الأحيان لتصبح موروثا اجتماعيا. ويقوم
المتحف باقتناء النسيج، الزرابي، الخشب، النحاس، السلال، الأواني، الفخار، الحلي، وكل
الأدوات التي يستعملها الإنسان الجزائري في حياته.
“تين هينان” ملكة الصحراء
بالدخول إلى القاعة التي
بنيت في الفترة الاستعمارية وهي القاعة الوحيدة لاستقبال الزوار حاليا نظرا للترميمات
وإعادة الهيكلة الجارية بالأبنية التركية للقصر، تجد قاعة الاستقبال الصغيرة وبها مقتنيات
وإصدارات المعرض وبطاقات مراسلات للبيع، يقابلك مباشرة الأثاث الجنائزي للملكة “تين
هينان” داخل غرفة مخصصة لها، يمكنك الدخول لتجد الهيكل العظمي والأثاث الجنائزي المكتشف
بضريح “أبالسة” بتمنراست والمنسوب إلى الملكة “تين هينان” وهي امرأة حلت على التوارق
لتصبح ملكة عليهم كما تروي الأسطورة، وقصة الملكة ومقتنياتها من حلي وغيره معروضة في
القاعة المفردة.
أما على شمال قاعة الاستقبال
فتوجد قاعة للنحاس المستعمل في البيوت الجزائرية ممثلا الأثنوغرافيا الحضرية، حيث تعرض
الرحى، المبخرة، إبريق القهوة، الركوة، السني، الصحون بأنواعها، الطاجين، التفاي، أقداح
الوضوء والحمامات وإبريق الوضاية ومحبس الحمام وغيرها من مستلزمات الحياة الحضرية التي
تزين أوانيها النحاسية فتدل على عبقرية ومهارة الحرفي الجزائري.
الحديث هنا عن ملايين السنين
وعلى يمين القاعة يوجد
بابان مؤديان إلى القاعة الرئيسية الكبرى، المدخل الأول يقودك إلى قاعة عرض الفخار
والحلي في عصر ما قبل التاريخ، وهو فخار كان يزين بطرق تقليدية وبسيطة جدا ولكنها أدوات
زينة لا تزال صامدة إلى اليوم، والحلي بدوره كان يستعمل أدوات بسيطة وحجارة وصدفات
وعظام الحيوانات، وكان أغلبه يستعمل كتعاويذ للوقاية من الأخطار المختلفة، وفي آخر
القاعة تتواجد أدراج بها نوع مختلف تماما عن الحضارة الجزائرية، يتمثل في تحف ومقتنيات
متعلقة بالحضارة الهندية الأمريكية.
تحتوي القاعة الوسطى على
معروضات كثيرة متعلقة بالعصور الحجرية القديمة التي تصل إلى ملايين السنين (الأسفل
والأوسط والمتأخر ثم الحديث)، عظام حيوانات وبقايا أخرى منقرضة وجماجم بشرية، حجارة
وحراب وسهام حجرية، منحوتات ورسومات ونقوش فنية، وأدوات كانت في البداية كلها مصنوعة
من أنواع متعددة من الحجارة، إلى أن توصل الإنسان إلى اكتشاف المعادن واستخدام الحديد
في تلك الأدوات المعروضة اليوم أيضا في قاعة “عصر المعادن” أو فجر التاريخ ابتداءا
من 3000سنة ق.م والذي شهد ظهور الأشكال الأولى للكتابة، ومن بينها حروف التيفناغ الأمازيغية
الأقدم في بلاد المغرب.
وفي إحدى القاعات الصغيرة
الجانبية توجد نقوش خاصة بالطاسيلي ناجر، بها رسومات مختلفة وحروف التيفناغ التي تشرحها،
رسومات تدل أيضا على التنوع الذي كان آنذاك في الفن الأصيل في نفوس التوارق وسكان الصحراء
القدامى، وتدل على الحيوانات التي كانت موجودة في تلك العصور كالأبقار ثم الحصان ثم
عصر الجمال.
ويلقى القسم المفتوح من
المتحف نقصا في عدد الزوار منذ غلقه أواخر عام 2007، ليصل معدل الزيارات إلى 15 ألف
سنويا، أغلبها يكون في إطار الأفواج المدرسية التي يشجعها المتحف، وإن كانت قليلة حسب
السيد طويل نعيم الذي يتمنى من كل المدارس تعميم مثل هذه المبادرات، ويسجل المتحف ما بين ألفين و2500 سائح أجنبي مع
وجود زيارات رسمية إلى المتحف.
بكل بساطة، يستطيع الزائر
للباردو أن يخرج منه محملا بفكرتين، أن التاريخ هو من يتمسك بأرض الجزائر، وأن السياحة
تبدأ من هنا حيث يتعرف الآخر على طبيعة سكانها.
معلومات تهمك
الموقع: 03، شارع فرنكلين
.د. روزفلت، دائرة سيدي محمد، ولاية الجزائر.
الهاتف:
021.74.76.41/021.74.26.77/021.74
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق