بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 13 ديسمبر 2015

قصر “أحمد باي” العثماني بالجزائر … هوية دولة وتاريخ شعب




لا يزال قصر الحاج أحمد باي بقسنطينة ( 430 كلم شرق الجزائر العاصمة) شاهدًا على إنجازات الدولة العثمانية وبطولات الباي أحمد (1786-1850) الذي شيّد القصر بطريقة جعلت منه إعجازًا عمرانيًا، يحمل بين جدرانه هوية دولة و تاريخ شعب.
هذا الصرح العمراني المتميز يقع بقلب المدينة القديمة بقسنطينة، في حي القصبة العتيق، يمتد على مساحة تقدر بـ 5600 متر مربع، ويعود تاريخ بنائه إلى الفترة  بين (1825 و1835)، ويعود الفضل في تشييده لآخر البايات العثمانيين، الذين حكموا الجزائر، ويتعلق الأمر بالباي أحمد بن محمد الشريف بن أحمد القلي، الذي حكم بايلك (منطقة) الشرق لمدة 16 سنة، وهو من والد تركي وأم جزائرية تدعى الحاجة الشريفة وهي من عائلة عريقة تسمى عائلة بن قانة.
وحسب المشرفة العامة على القصر، خلف الله شادية، في حديثها للأناضول :”قصر الحاج أحمد باي هو واحد من المعالم الأثرية الفريدة من نوعها، فهو منارة معبأة بعبق التاريخ، الذي يعكس حضارة شعب بأكمله وعظمة و إنجازات رجل (الباي أحمد)، سجل اسمه بأحرف من ذهب في تاريخ مدينة قسنطينة والجزائر على حد سواء.
و حسب خلف الله، فقد قام ببناء القصر حرفيون وبنّاءون مختصون، وفق تصاميم عمرانية وهندسية متميزة، استلهمها الباي أحمد من رحلاته المختلفة وزيارته لبعض قصور الحكام والملوك، حيث يتكون من حديقة واسعة تتوسطها نافورة مائية، وفيها العديد من الأشجار المثمرة والنباتات الزهرية، وأخرى أقل منها مساحة و27 رواق تم شقها بطريقة متميزة، لتسمح بمرور التيار الهوائي والنسمات المنعشة في فصل الصيف.
ويزيّن الأروقة أكثر من 250 عمودًا من الرخام الفاخر، الذي جلب من عدة دول، إلى جانب مسبح ينقسم لجزئين.
وأضافت خلف الله بأن بناء القصر استغرق 10 سنوات، وكان مقر الحكم ببايلك الشرق، و يتكون من 121 غرفة و45 بابًا و60 نافذة و2300 متر مربع من الأسقف الخشبية، تم صناعتها من خشب شجر الأرز، وعليها نقوش إسلامية مختلفة، تم طلاؤها بالألوان الصفراء والحمراء والخضراء، وهي نفس الألوان التي تم اعتمادها في دهن جميع أسقف القصر وزجاج النوافذ وباحات الاستقبال.
المتجول في القصر يقف أيضًا، عند أحد أجزائه على ما يسمى بـ “دار أم النون ” نسبة إلى والدة أحمد باي التي كانت تقيم في هذا الجزء من القصر، وبه ولد أحمد باي، والذي تحول فيما بعد إلى مكان تستحم فيه نساء وجواري القصر، خلال فصل الصيف، بالمياه الباردة، التي تتدفق من الأعلى.
ويتوسط المكان شبه خزان من المياه كانت تعيش فيه أسماك معظمها من اللون الأحمر، وكانت تحظى بعناية خاصة من قبل نساء القصر، شأنها في ذلك شأن العصافير والبلابل التي كان يحتفظ بها الباي أحمد في غرفة خاصة.
ويوجد في منتصف القصر الجناح الإداري، أو ما يسمى بمجلس الباي، وجناح القضاء وبه محكمتين إحداهما للتقاضي حسب المذهب المالكي وأخرى حسب المذهب الحنفي، وتوجد به 14 نافذة تطل على جميع أجنحة القصر، وفيه الجناح المخصص للنسوة، وتتوسطه نافورة رخامية وغرف الحمام.
كما يتوسط القصر ما يسمى بالجناح الشتوي، على شكل بيت مصغر يسكن فيه الباي وعائلته في فصل الشتاء، أما الطابق الثاني ويسمى “العليّة”، فكان مخصصًا لأفراد الحرس، والطابق تحت الأرضي كان مخصصًا كإسطبل للحيوانات واستخدمه الفرنسيون عند احتلال المدينة كسجن.
وتزين جدران القصر ر سومات على مساحة 2000 متر مربع، وتعتبر مرجعًا تؤرخ لحياة الحاج أحمد باي، و تعكس مختلف التجارب والرحلات التي قام بها على مدار 15 شهرًا (1818/1819) وذلك قبل تعيينه على بايلك الشرق، ورافق في بعضها داي الجزائر العاصمة، وقادتهما إلى دول الشرق الأوسط، مرورًا بتونس وطرابلس الليبية وميناء الإسكندرية، الذي رست به الفرقاطة التي كان على متنها الباي وداي الجزائر، وصولاً إلى مساجد القاهرة واسطنبول المعروفة بالجامع الأزرق ذي المآذن الستة ( السلطان أحمد)، والحجاز ومكة المكرمة، إلى جانب المعارك التي شارك فيها الباي أحمد، ومختلف إنجازاته بمدينة قسنطينة والجزائر.
وحسب مديرة القصر فإن الرسومات تحمل صورًا لـ 36 سفينة شراعية، و 66 فرقاطة، و78 نوعًا من الأشجار، إضافة لـ 134 شجرة نخيل، والمئات من المباني، و 69 مئذنة، و55 قبة، وعدد هائل من العبارات والجمل، 23 منها فقط يمكن قراءتها، وصورًا لـ 4 قصور، و7 طواحن هوائية، وأنواع مختلفة من الطيور إلى جانب عدد هائل من الأشكال الهندسية الإسلامية والشرقية.
واستطردت خلف الله :”هذه الرسومات تم طمس بعض معالمها من قبل الاستعمار الفرنسي، بعد احتلاله لقسنطينة عام 1837، حيث قام بوضع خمس طبقات عليها كما أدخل بعض التعديلات، غير أن القصر بقي محافظًا على معالمه، خاصة بعد عمليات ترميمه لاحقًا، وكان لها دور كبير في الحفاظ على معالم القصر كما كانت في زمن أحمد باي.

هذا ويعد القصر حاليا مزارًا ومعلمًا سياحيًا وثقافيًا، يؤمه يوميًا كثير من السياح للوقوف على معالمه، وذلك بعد أن كان مغلقًا بسبب أعمال الترميم، وإعادة تأهيله، كما أصبح يحتضن تنظيم العديد من الفعاليات الثقافية والفنية كحفلات المالوف (نوع غنائي تشتهر به مدينة قسنطينة)، والمعارض الفنية، وتلك التي تختص بالصناعات التقليدية.

الثلاثاء، 8 ديسمبر 2015

' قبر الرومية' يحفظ قصة حب ملك أمازيغي



تنام مدينة تيبازة الجزائرية على ساحل البحر الأبيض المتوسط كالعروس، فاتحة عينيها على حضارة القرن الحادي والعشرين، غير أنّها لا تعيرها اهتماما، لكونها مدينة تضرب بجذورها في أعماق التاريخ، فهي إلى اليوم لا تزال تحتضن كنوزا أثرية تتحدث بكل اللغات التي مرّت على هذا المكان واستوطنته.
ومن المعالم التاريخية المذهلة التي تزخر بها محافظة تيبازة التي تبعد مسافة 70 كلم غرب الجزائر العاصمة، ذلك الضريح الذي يحلو لسكان هذه الولاية الساحلية تسميته "قبر الرومية".
هو قبر ضخم، إسطواني الشكل، يتكون من صفائح حجرية متساوية الحجم وينتهي بمخروط مدرج. وتظهر من خارجه 60 عمودا، ويحتوي في داخله التاريخ الذي جمع بين الملك الموريتاني يوبا الثاني وسيليني كليوباترا ابنة كليوباترا ملكة مصر الفرعونية.
والملك يوبا الثاني ملك الامبراطورية الموريتانية كان يعشق زوجته كليوباترا سيليني حتى الجنون حيث حزن عليها بعد وفاتها حزنا شديدا إلى درجة أنه قرر أن يخلد ذكراها بضريح بناه لها على شكل تحفة معمارية خالدة تحاكي أهرامات مصر في منطقة سيدي راشد بمحافظة تيبازة.
قصة الحب هذه وقعت في الفترة اللوبية الفرعونية التي كان فيها تحالف بين مملكة الفراعنة والمورتانيين بعد أن قام الملك الشيشنق بالتدخل لحماية مصر من غزو جيش الحبشة وبطلب من فرعون مصر، فترة التحالف هذه دامت أكثر من ثلاثة قرون شهدت تزاوجا بين العائلتين الملكيتين، غير أن قصة كليوباترا سيليني ويوبا الثاني كانت أكثر قصص الحب قوة التي دوّنها التاريخ عبر صفحاته حتى تحولت إلى أسطورة يجسدها قبر الرومية أو الضريح الموريتاني.
هذا القبر الذي يحمل الكثير من صفات الأهرام، هو معلم تاريخي يحاكي عظمة الحضارة الأمازيغية التي عرفت أوجها في عهد يوبا الثاني الذي يعد من أقوى الملوك والقادة العسكريين لإمبراطورية موريتانيا، الاسم القديم لمنطقة المغرب العربي بين 25 قبل الميلاد و23 ميلادي وكانت عاصمته أيول وهي شرشال حاليا تبعد 90 كلم غرب العاصمة الجزائر، كما عرفت حقبته بالازدهار والرخاء كونه كان ملكا مثقفا.
ومما يميّز هذا الضريح وجود أربعة أبواب وهمية ضخمة يصل علوّ الواحد منها إلى ما يقارب سبعة أمتار، يحيط بها إطار بنقوش بارزة تشبه إلى حدّ بعيد شكل الصليب، الأمر الذي جعل بعض الباحثين في علم الآثار يعتقدون أنّه مبنى مسيحي، ومنه جاءت ربما تسميته “قبر الرومية” اشتقاقا من كلمة “الرُّومي”، بمعنى الروماني أو البيزنطي.
وتمّ تصنيف هذا الموقع الذي يطلق عليه أيضا “الضريح الملكي الموريتاني”، وهي التسمية المعتمدة لدى المؤرخين والمتخصصين في علم الآثار ضمن التراث العالمي للإنسانية في سنة 1982، كما صُنّف منذ سنة 2002 ضمن قائمة التراث العالمي لمنظمة التربية والثقافة والعلم التابعة للأمم المتحدة (يونيسكو)، بوصفه واحدا من الأضرحة الملكية الموريتانية والمواقع الجنائزية لفترة ما قبل الإسلام.
أمّا عن المحاولات التي قام بها الباحثون لاكتشاف أسرار هذا القبر، فلعلّ أهمّها تلك التي قام بها عالم الحفريات والآثار الفرنسي أدريان بيربروغر في عام 1865، تنفيذاً لطلب نابليون الثالث، ومن خلالها توصل إلى العثور على باب سفلي ضيّق يقع تحته باب خلفي من الناحية الشرقية وهو ممرّ سريّ للضريح.
وعند اجتياز باب القبر، يجد الزائر نفسه في رواق يضطرّه للانحناء عند المشي، تعلو حائطه الأيمن نقوش تمثل صورة أسد ولبؤة، لذا سمّي “بهو الأسود”. وعند اجتياز هذا الرواق، يجد الزائر نفسه مرة أخرى في رواق ثان طوله 141 مترا وعلوّه 2.40 متر، شكله ملتو ويقود مباشرة إلى قلب المبنى الذي تبلغ مساحته 80 مترا مربعا.

ولمعرفة زمن بناء القبر، فإنّ بعض المؤلفات الرومانية القديمة تقول إنّه يعود إلى 40 سنة بعد الميلاد، أي إلى عهد استيلاء الرّومان على مملكة موريتانيا، وهذا حسب ما يذهب إليه بعض المتخصصين في الآثار الرومانية، حيث يؤكدون أنّ الملك “يوبا الثاني” وزوجته “كليوباترا سيليني”، هما المشرفات على بنائه، ويستندون في ذلك على أن “يوبا الثاني” كان ملكا مثقفا يتذوق فن العمارة، وقد جلب إلى عاصمته شرشال تحفاً فنية اشتراها من بلاد اليونان.

الجمعة، 20 نوفمبر 2015

متحف الباردو ...


أو ما كان يُعرف قديما بدار الباردو ... تشير بعض الدراسات أن كلمة باردو مُحرفَّة عن كلمة برادو الإسبانية التي تذكِّر بقصور الحفصيين في ضواحي تونس ، ويرجع تاريخ هذه الدار الفخمة إلى القرن الثامن عشر ، وقد كانت قبل الاحتلال الفرنسي من أملاك الأمير عمر .
وفي الصورة الساحة الموريسكية المعروفة بـ " حوض النساء " وفي الوسط يظهر صحن المرمر الفاخر .
وقصر الباردو اليوم هو متحف لما قبل التاريخ والفنون والتقاليد الشعبية بشارع فرنكلين روزفلت رقم ٣ امتدادا لشارع ديدوش مراد من الأعلى .

الأحد، 18 أكتوبر 2015

الصحراء الجزائرية.. مغامرة تشبه رحلة إلى المريخ



تقع الصحراء الجزائرية في وسط شمال أفريقيا، وهي جزء من الصحراء الأفريقية الكبرى، وتمثل مساحتها أكثر من 80 بالمئة من المساحة الإجمالية للبلاد، ولهذا تستحق مغامرة اكتشافها، وتعتبر هذه الصحراء أكثر المناطق الصحراوية في العالم حرارة وتمتد على أكثر من 3.5 مليون ميل مربع، وهو تقريبا حجم الولايات المتحدة الأميركية بنصفيها الشمالي والجنوبي.
وتعيش في هذه الصحراء منذ القدم قبائل الرحل الذين يعتبرون الصحراء مقرا لهم، وأكثر من 2.5 مليون من السكان يقطنون المناطق الحدودية والتي غالبا تكون الحياة فيها قاسية جدا. مؤكد أن أرض الصحراء قاحلة، حيث يرى بعض العلماء أنها المنطقة الأكثر جفافا منذ 3 آلاف سنة.
ولكن أغلب الرحل يتنقلون في الصحراء بحثا عن الواحات والكثير منها يتوفّر على طبقة مياه جوفية توفر الكثير من المياه اللازمة لهم ولمواشيهم. وتوجد في جنوب الجزائر الحديقة الوطنية “تاسيلي نجير”، تتخللها سلسلة من الجبال الكثيفة، والتي تتميز بنظام بيئي فريد من نوعه وذلك لكثرة مياهه، كما تحتوي على معدل نباتات أكثر من الصحراء المحيطة. وفي الجزء الشرقي على الحدود يمكن للمرء أن يرى أنواعا من شجرة الميرتلو وشجرة السرو التي يعود تاريخ وجودها إلى أزمنة ما قبل التاريخ.
صحراء الجزائر أرض مختلفة، تضم تكوينات بركانية منحوتة بفعل الرياح، مدهشة بأشكالها الغرائبية، كما لو أن الطبيعة تطلق العنان لخيالها الجامح في تلك الجغرافيا الساحرة. ونظرا لما تتميز الجزائر من تنوع في إرثها الثقافي والبيئي والطبيعي، فإن صحراءها تعد تعتبر شاهدا على تعدد تلك الحضارات وتعاقبها، حيث عثر على رسومات ونقوش ملونة وأخرى محفورة في صخور الجبال تعود إلى آلاف السنين.
وتضم الولايات الصحراوية العديد من الواحات وتم تسجيل عدد منها في منظمة اليونيسكو ضمن قائمة التراث الإنساني، لما تتميز به هذه المحميات الطبيعية والتراثية من خصوصية، واعتبرت اليونيسكو منطقتي الهقار والطاسيلي متحفين طبيعيين. وتعتبر منطقة الهقار من مناطق الطوارق الذين يطلق عليهم اسم “الرجال الزرق” أو “الرجال الملثمون.
إضافة إلى ولاية تمنراست الواقعة في أقصى جنوب الجزائر وتبعد حوالي ألفي كيلومتر عن العاصمة. وتمثل زيارة هذه الولاية التي تحيط بها الكثبان الرملية، تجربة رائعة للسائحين. فالكثبان الرملية بالصحراء تمتد في الأفق، حيث يتسنى للزوار ركوب الجمال مع مرشدين من الطوارق الذين يقطنون في صحراء الجزائر ومالي والنيجر. وتشهد تمنراست وبقية الصحراء الجزائرية تراجعا في الحركة سياحية نظرا لعدم الاستقرار الأمني في المنطقة.
ويقول مرشد سياحي آخر يدعى صالح إن “المشكل كبير لأن السياحة توقفت بسبب المشاكل التي جرت في ليبيا ومالي والتي أثرت سلبا علينا. الناس خائفون من الوضع الأمني ولكن الوضع الأمني جيد هنا. ونحن لا نأخذ السياح إلى أماكن خطرة وقد عززت الدولة من الأمن تفاديا لأي خطر محتمل.
وتوجد فيه وكالات عديدة لتنظيم الرحلات في عمق الصحراء البركانية التي تشبه قصيدة منحوتة في الهواء الطلق. وتتوافر في صحراء الجزائر فنادق ومخيمات لإقامة السياح. وللتجول في تلك الصحراء البركانية تستخدم السيارات رباعية الدفع خلال الجولات السياحية.
ويعد التجوال فيها بمثابة رحلة سحرية وممتعة للعين كما أنها فرصة للتأمل والهدوء.
وثمة طقوس خاصة بمنطقة الصحراء الكبرى في الجزائر مثلا في كيفية تحضير الشاي والذي يطلقون عليه تسمية “التاي”، الذي يعده الرجل الصحراوي على الحطب. والشاي ثلاث أنواع، مُرّ ومتوسط الحلاوة وحلو. ويقول البعض إنه يتم في الجلسة الواحدة تناول “التاي” بدرجاته الثلاث، دلالة على الحياة والموت، والتناوب بين المرارة والحلاوة.

ويعتبر جبل أسكرام الذي يبعد نحو 80 كيلومترا عن مدينة تمنراست مقصدا مهما للسياح، ويتم الوصول إليه عبر طريق غير مرصوف، وتستغرق الرحلة نحو ثلاث ساعات، حيث تتخللها مشاهد طبيعية مدهشة، من بينها أشكال جبلية تشبه الإبهام والأسد والفيل والسمكة التي يسمونها “الحوت” وغيرها من التكوينات البركانية المذهلة. وترتفع قمة جبل أسكرام حوالي 2800 متر على سطح البحر، وتصل درجة الحرارة في الليل إلى حدود 12 درجة تحت الصفر في أوقات من السنة. ولكنها تستحق الزيارة لمشاهدة أجمل غروب وشروق للشمس في العالم، حسب التصنيف السياحي.

الأحد، 27 سبتمبر 2015

عين المحبة في قمم جبال الشريعة في الجزائر




بجبالها الراسيات ورائحة صنوبرها الحلبي وأرزها الأطلسي، وفي طريقها المنعرجة المحفوفة بالغابات حاليا وبخطر الموت المحدق في سنوات الإرهاب، تعود الحياة إلى جبال الشريعة التي طالما كانت من الأماكن المحرمة على الجزائريين، بعد أن استوطنها الإرهاب لما يزيد عن عشرية كاملة، بكى فيها الصنوبر والأرز.
من قمم جبال الشريعة الواقعة أعالي مدينة البليدة -50 كم غرب العاصمة الجزائر- نشاهد عناقا أبديا، بين زرقة البحر وجبال شنوة بعد المرور بمدينة الورود وسهل المتيجة الأخضر في صورة يخيل للمرء أنه أمام شاشة البلازما الكبيرة، ولا يعود إلى الواقع إلا بامتلاء رئتيه بكمية كبيرة من الهواء النقي البارد. القادمون في رحلة البحث عن الطبيعة الخلابة، يستمتعون بموقع الشريعة الذي يتشكل من منعطفات ومنعرجات تمكن المسافر من رؤية كل معالم مدينة البليدة التي تتناهى في الصغر كلما ارتفعنا نحو القمة.
ويستمر الطريق إلى أن يعانق البصر قرية جبلية بطراز معماري يشبه المدن الألمانية القديمة، هذه المدينة تقع على علو 1500 كيلومتر عن سطح البحر وسط غابات البلوط و الأرز الكثيفة.
وفي القمة لا يمكن للزائر أن يتجاهل اكتظاظ الفتيات حول عين للمحبة وتسمى "العوينة "، جئن للشرب منها، وهذه العين الطبيعية مرتبطة بأسطورة تواترها الأجيال وتقول خالتي الطاووس أنها أحضرت بناتها الثلاث للشرب من هذه العين المباركة لأن كل من تشرب منها يأتيها من يحبها و يتزوج بها.
* كمال العمري: حتى بعدما سمعت أن الحياة قد عادت إلى جبال الشريعة إلا أنني لا آتي إلا مرافقا بعدد من الأهل والأصدقاء، ونغادرها بعد العصر مباشرة خوفا من أي طارئ، فرغم أن عناصر الأمن منتشرة في كل المنطقة لكننا نحتاط دائما، لكننا نستمتع في ذلك اليوم بالهدوء والسكينة ونقاوة الهواء وجمال الطبيعة حيث يلعب الأطفال وسط رائحة البلوط وأشجار التي تخترق الدماغ دفعة واحدة.
* ليلى من العاصمة: سمعت من جدتي أن في قمة الجبل حيث تلتقي القمة بالسحاب ولا يمكن لأحد أن يصل، دفن ولي صالح كان يعمل على تزويج الفتيات ويجمعهن بالرجال الأكفاء، وبعد موته دفن هناك ومازالت بركته تصل إلينا عبر هذه العين، وبمجرد التفكير بأن هذه العين هي عين الحب يصبح للشرب منها طعم آخر، ولايمكن أن ننكر عذوبتها وإن كنت شخصيا لا أومن بما تتوارثه الأجيال من قصص مختلفة حول هذه العينة، أما عن قبولي الشرب منها فهو إرضاء لوالدتي التي لا يمكن أن نغير قناعتها.

* الحاج معمر مهاجر في فرنسا: ألفت المكان وألفت الاصطياف في المنزل الخشبي، فبعدما كنت استأجره من البلدية عندما كانت منطقة الشريعة في فترة عزها ومجدها، أصبحت اليوم أستأجره من أحد المالكين الخواص وبأضعاف مضاعفة. وعلى الرغم من أن المنطقة فقدت حيويتها ونشاطها السياحي بفعل هجرها من قبل سكانها أولا ثم السياح ثانيا، إلا أن خلوتها ومناظرها الجميلة تجلب إليها دائما ذوي النفوس التواقة للهدوء وراحة النفس والكارهة للضوضاء. جبال الشريعة كانت في وقت مضى تعج بالزوار شتاء وصيفا، وكان أهالي المنطقة وهم جميعا من الفلاحين يوفرون لنا العسل واللبن الخالصين.

الاثنين، 7 سبتمبر 2015

مغارة ابن خلدون: في هذا المكان المهمل ولدت 'المقدمة'


         
  
قبل تسع سنوات أحيت الجزائر الذكرى الـ600 لوفاة العلامة عبدالرحمن بن خلدون، حيث أقامت وزارة الثقافة الجزائرية بهذه المناسبة العشرات من الملتقيات الفكرية والندوات الوطنية والدولية وذلك على مدار عام كامل بمدينة فرندة التابعة إداريا لولاية تيارت المعروفة قديما باسم تيهرت والتي تبعد 340 كيلومترا غرب العاصمة الجزائرية، حيث تقف مغارة عبدالرحمن بن خلدون حتى اليوم شاهدة على حدث تاريخي غيّر مجرى العلوم الإنسانية بميلاد كتاب “المقدمة” الذي ألّفه ابن خلدون بعد أربع سنوات من الاعتكاف داخل هذه المغارة (1375-1379)، وصار تأليف هذا الكتاب المرجع، بمثابة إعلان عن وضع أولى لبنات علم الاجتماع البشري.
ويقول المؤرخ البريطاني أرنولد توينبي “إنّ ابن خلدون قدّم للفكر البشري فلسفة للتاريخ تُعدُّ أعظم عمل لم يسبق أن أنجزه عقلٌ بشري، في أيّ زمان وأيّ مكان من قبل..”.
وتؤكد العديد من المصادر التاريخية أنّ العلامة ابن خلدون اعتكف بهذه المغارة أربع سنوات لتأليف كتابه الهام “المقدمة” كمقدمة لمؤلفه الضخم “كتاب العبر”، وقد اعتبرت المقدمة لاحقا مؤلفا منفصلا ذا طابع موسوعي، إذ تناول فيه ابن خلدون جميع ميادين المعرفة من الشريعة والتاريخ والجغرافيا والاقتصاد والعمران والاجتماع والسياسة والطب.
غير أن قيمة ابن خلدون العلمية والفكرية وقيمة مقدمته العلمية والثقافية لم تشفع للموقع الذي شهد ولادتها ولم تشهد مغارة ابن خلدون إلى اليوم العناية والاهتمام اللذين تستحقهما لكونها ذات رمزية تاريخية تدل على ما بلغه العرب من تقدم في العلوم في ذلك العصر. وتتألف المغارة من مغارة رئيسية تتصل بها غرف صغيرة، ويذكر المؤرخون في كتبهم أن ابن خلدون اتّخذ منها مقاما له، ليس لجمالها ومنعتها وحسب، وإنما لكونها تطلُّ على سهل “التات” الذي كان ممرا رئيسيا لشتى قوافل العرب والبربر؛ وهو الأمر الذي مكّنه من التعرف على أخبار الناس والحكام، بما يتيح له دراسة الظواهر الاجتماعية للمغرب الإسلامي وإخضاعها للمراقبة.

وبعد أن أنهى ابن خلدون كتابة “المقدمة” في السنة الرابعة من إقامته بالمغارة التي كانت تعرف باسم مغارة “بني سلامة”، وكان ذلك في منتصف عام 1377، عكف على تصحيح وتنقيح ما كتبه، ووجد نفسه أمام مشكلة المصادر والمراجع ونفاد الأوراق التي كان يكتب عليها، فقرّر أن ينهي عزلته ويشد الرحال إلى مسقط رأسه تونس حيث ولد وتعلم، ولكن المرض حال دون ذلك.

الأحد، 30 أغسطس 2015

السبت، 22 أغسطس 2015

الفنك.. الحيوان الوطني في الجزائر



ثعلب الصحراء أو الفنك كما يعرف ، هو أحد أنواع الثعالب الصغيرة الحجم والذي يعيش في الصحراء الجزائرية .
يعتبر الفنك من الحيوانات المشهورة بالجزائر فهو رمز تاريخي يعبر عن ثقافة المجتمعالجزائري بصلابته وتماسكه في المحن. يستعمل اسم الفنك كثيرا في جوائز سينمائية ورياضية كجائزة الفنك الذهبي التي تقام للسينما العربية وحتى العالمية و هو الحيوان الوطني في الجزائر.
أصبح الفنك العلامة المتعارفة للمنتخب الجزائري لكرة القدم فأينما ذهبوا يسمون الافناك ، وقد تم تزويد أقمصة لاعبي المنتخب الوطني بصورة الفنك مثل بقية الفرق الأفريقية التي تظهر على أقمصة لاعبيها صورة الحيوان الذي تشتهر به البلاد، وهو دليل على ترابط هذا الحيوان مع الجزائر.

الاثنين، 10 أغسطس 2015

تاغيت.. جوهرة الساورة


تاغيت أو تاغيلت مدينة و بلدية تابعة إقليميا إلى دائرة تاغيث ولاية بشار الجزائرية 
تتكون من 06 تجمعات سكانية: الزاوية الفوقانية، تاغيت المقر الإداري، بريكة، بربي بختي، الزاوية التحتانية تعتبر تاغيت جوهرة الساورة بجمالها و واحات نخيلها وتنوع طبيعتها، كثبان رملية للعرق الغربي الكبير الشامخة على ارتفاع 745 متر تتكأ عليها المدينة، من جهة الآخرى امتدادات الصحراء الصخرية الحمادة بينهما منعطفات واد زوزفانة. توجد واحة نخيل تطبع الواد بحد أخضر على أكثر من 18 كيلو متر على الضفة اليمنى للوادي تتابع قصورها الستة
اصل التسمية
إغيل تنقلنا التسمية إلى أحقاب زمنية عابرة متصلة بسكانها الأوائل بني كومي، يقال بأن الفضل يرجع إليهم في غرس أول أشجار النخيل بتاغيت. اسم تاغيت مشتق من تاغونت، وتعني بالبربرية الحجرة أو تغليت وتعني الهضبة إذ بنيت على ربوة، وآغل هو الذراع والبعض قال هي المكان الضيق بين الجبل والكثبان الرملية.
تاريخ المنطقة
المؤكّد أنّ تاغيت كانت آهلة بالسكان منذ أكثر من أحد عشر قرنا، ولقد أكّد ابن خلدون وحسن الوزان أنّ بني كومي أو بني قومي كانوا أوّل من سكن المنطقة، وهم من قبائل العهد الواديد الذين حكموا تلمسان قبل أن ينهزموا أمام المرينيين في فاس عام 735 للهجرة ليقرّروا العودة والاستقرار بالصحراء. ويبدو أنّ هضبة "زوزفانة" التي تقع عليها تاغيت سكنت منذ عصور بعيدة، والقصور وآثارها تثبت ذلك في الحقبة الأجورية، ونظرا لعددهم الكبير سمي سكان الهضبة "قوم"، ومن هذا جاءت تسمية "بني قومي" الاسم الحالي للسكان. وهناك من يقول إنّ أوّل من سكن تاغيت هم قبيلة الروابح (أولاد بلخير فقيق)، وكانت سوقا من زمن الخليل عليه السلام، ويحكى أنّ المنطقة عرفت بازدهارها العلمي والمعرفي، لكن الحرب لم تترك سبيلا لاستقرار العلم بالمنطقة بسبب تكالب القبائل عليها لاكتفائها المعيشي، أمّا في عهد الاستعمار فقد شهدت المنطقة دخول القوات الفرنسية شهر فيفري 1897 بقيادة الرائد غوردن.
الثرات


الوطن يزخر بما خلفته مئات السنين وما تركته الثقافات التي تعاقبت منذ ظهور البشر إلى اليوم. الثرات بمثابة البصمة، تدل وتعرف بهوية صاحبها ومختلف عناصر الثرات وإن كانت صغيرة، عبارة عن وثائق ومصادر تكتب التاريخ وتوضح ما كان غامضا، وتحل في العديد من حقب التاريخ محل وثائق المكتوبة عند فقدان هذه الأخيرة. لنقف عند ما يمكن ملاحظته بمنطقتنا, بتاغيت بصمات ما قبل التاريخ وثرات التاريخ القديم وإن كان بعض من معالم التاريخ مصنفة تحت رعاية ومسؤولية الدولة .
النقوش الصخرية بالمنطقة
عبر الإنسان البدائي الأول بيئته والحيوانات التي عاشت معه بنقشها على الصخر، يعود تاريخ هذه المحطات من 7 ألاف إلى 10 ألاف سنة قبل الميلاد كما يعتبر الفن الصخري أهم وأقدم دليل إنساني والثقافي في المنطقة.
- الفترة البقرية l'epoque bovidienne des pasteurs : موجودة بكثرة بالأطلس الصحراوي ومميزاتها ظهورقطعان البقر – الغزلان باعدد كثيرة – ثيران – الأروية –
حيوان النو – الأسد – الخنازير – الفهود – الظباع – النعام – النحام – الثعابين.

الأحد، 9 أغسطس 2015

سبحان الخالق




هذا المكان يوجد بالقرب من واد الرمال في قسنطينة و يوجد قربه جسر حجري صغير سمي بجسر الشيطان تيمنا بهذا الشكل

فهد الصحراء .. لا يزال موجودا في الجزائر



هذه الصورة ليست في سهول السافانا بافريقيا وليست بجبال ايران في آسيا ... إنها في الجزائر ...
صورة رائعة جدا توثق وجود أحد أكثر سلالات الكائنات الحية المعرضة لأقصى درجات خطر الانقراض في كوكب الأرض تم التقاطها خلال أبحاث علمية يعيش في جبال الطاسلي بعيد جدا عن المدينة ويصعب التحاق به
أنه أسرع حيوان على الأرض وأجمل المخلوقات في الطبيعة, إنه أغلى كنوز الجزائر التي لا تقدّر بثمن ... إنّه ...
" فــــــهــد الصــــــــــــحراء "

الشاي الصحراوي.. قصة عراقة جذورها جزائرية


خصوصية الشاي الصحراوي الذي تسلل إلى مدن الشمال الجزائرية ولم يعد بالامكان الاستغناء عنه، نكهته المميزة، ورغوته البيضاء التي تعلوه، ولا يطيب إلا بصحبة المكسرات



الأحد، 2 أغسطس 2015

تيغزيرت الجزائرية تزاوج للبحر بالغابة والجبل



           
 في قلب منطقة القبائل الجزائرية نحو 120 كلم شرقي العاصمة الجزائرية، تنتصب مدينة تيغزيرت الساحلية كفضاء يسمح للبحر والجبل والغابة بالتعانق.
تتوسط تيغزيرت التي ينطقها البعض ثِكزِرْث، مدينتي دلس وبجاية، ويعني اسمها بالأمازيغية الجزيرة، وهو معنى توارثته المدينة منذ حقبة الرومان الذين أطلقوا عليها اسم إيومنيوم التي تؤدي المعنى الأول.
تمتلك المدينة زخما كبيرا من الإمكانيات السياحية وثراء طبيعيا، لا سيما النباتات، ويتنافس شجر الزيتون العادي ونظيره المتوحش بالاستحواذ على المكان الذي يغري بمزاولة الرياضة شتاء، والاصطياف صيفا وسط شواطئ رحبة تجمع بين الرمال الصفراء والحصى الجميلة، ما يثير الراغبين في الترفيه.
كل شيء جميل بتيغزيرت، سيما عندما يقف المرء على قمة جبل شرفة، فهو يوجد على أحد المرتفعات التي تعلو سطح البحر بـ130 مترا.
ومما يزيد المدينة إبهارا، تلك المناظر الفاتنة والأخاذة كالبساتين الممتدة على ضفتي الوادي الرقراق التي تتعانق فيها أشجار البلوط بأشجار الرمان و المشمش وغيرها من الأشجار المثمرة.
ويعدّ مرفأ تيغزيرت تحفة سياحية مهمة على نحو يؤهّله للارتقاء كأكبر مشروع تنموي واستثماري، تبعا لتحوّله في ظرف وجيز إلى أكبر مكان للمتعة والترفيه بعد إنشاء مساحات خضراء شاسعة أعطت الميناء شكلا طبيعيا جميلا وصورة سياحية خلابة تريح الأعصاب.

الخميس، 23 أبريل 2015

قصر أحمد باي يروي أسرار عمارته وجواريه لزوار قسنطينة





العرب  صابر بليدي
قصر أحمد باي، معلم تراثي عريق وتحفة معمارية تتزيّن بها قسنطينة، مدينة “الصخر العتيق” احتفاء بها عاصمة للثقافة العربية لعام 2015 يختزن القصر بداخله مسيرة حافلة بالأحداث، ليروي حكايات بعض الأسرار الدفينة لحاكمه وجواريه لأجيال، لم تخطر بأذهانها قصّة القصر الفريد.
تعتبر جدارية قصر الباي أوّل عربون يستقبل به قصر أحمد باي زواره، فعلى امتداد 2000 متر مربع، تزيّن الجدارية المتعددة الزخارف قصر بايلك الشرق، أي حاكم إقليم الشرق، وفق التقسيم الإداري العثماني، وهي بمثابة وثيقة مرجعية أصلية، تتناول الرحلة الطويلة لصاحب المكان.
تقول شادية خلف الله، مديرة المتحف الوطني العمومي للفنون والتعابير الشعبية، إن هذه الجدارية “لم تبح بعد بجميع أسرارها بالتأريخ وبقراءة مختلف الأحداث التاريخية التي عايشها أحمد باي، مثل تلك المعارك التي شارك فيها، إلى جانب داي الجزائر العاصمة، ومختلف رحلاته إلى الشرق الأوسط”.
ويمكن للمتمعّن في الجدارية المدهشة، التي تتحدث عن رحلة قام بها أحمد باي للوصول إلى البقاع المقدسة، أن يمتّع نظره بجمال تونس وحلق الوادي وطرابلس، وميناء الإسكندرية حيث ترسو الفرقاطات والقاهرة بمساجدها.
يذكر أنّ الجدارية تعرّضت للتشويه من إدارة الاحتلال الفرنسي للجزائر، التي وضعت عليها ست طبقات أخرى، مشوّهة بذلك أصالة الطبقة الأولى، في محاولة منها لطمس معالم هذه التحفة المعمارية، التي تنطوي على براعة الهندسة المعمارية الشرقية، ورغم ذلك تبقى الجدارية صامدة بإثبات حضورها على جميع الجدران الداخلية للقصر، مثل ألبوم الصور التاريخية.
وتذكر خلف الله، خلال شرحها للجدارية المتعددة الزخارف، بأن أحمد باي شرع في رحلته التي دامت 15 شهرا في 1818، بينما كان مجرد خليفة منطقة، وهو ما يعني سبع سنوات قبل تعيينه على رأس بايلك.
وتضيف “انطلقت رحلته من أمام جسر سيدي راشد الحالي الواضح في الجدارية، ليلتحق بحلق الوادي ومدينة رادس الساحلية بتونس ثم طرابلس، ليمرّ بعدها على جزيرة جبل حسان بالمملكة العربية السعودية”.
وتبرز الرسوم التوضيحية لهذه التحفة الفنية 44 علما وراية، و3 مساجد و78 نوعا من الأشجار و36 سفينة شراعية و66 فرقاطة، وعديد المنازل ومختلف أنواع المباني البسيطة أو ذات القباب، و69 مئذنة و55 قبة و134 شجرة نخيل وعدة عبارات مكتوبة، 23 منها فقط سهلة القراءة و4 أنواع من الطيور و7 طواحين مائية وهوائية و4 قصور.
ويمكن تمييز البقاع المقدسة بالمدينة ومكة، إضافة إلى مدن جدة والإسكندرية وإسطنبول، المعروفة بالجامع الأزرق ذي المآذن الست، والإسماعيلية وجزيرة خالكي وجزيرة كانديا ببحر إيجا.
وتقول الروايات إنّ فكرة بناء قصر الباي، تعود إلى تأثر أحمد باي أثناء زيارته للبقاع المقدسة بفنّ العمارة الإسلامية، فأراد أن يترجم افتتانه بهذا الفن ببناء قصر في قسنطينة، الذي انطلقت الأشغال الفعلية لبنائه العام 1827 ليكتمل تشييده العام 1835. وهو ما يعني أنّ إقامة أحمد باي بالقصر لم تستمر سوى سنتين قبل سقوط قسنطينة بيد الاحتلال الفرنسي عام 1837.
ويمتد القصر على مساحة إجمالية تقدر بحوالي 5600 متر مربع، ويتميز باتساعه ودقة توزيع أجنحته المتساوية في الشكل والمضمون.
ويمكن لزائري القصر الاستمتاع بالنقوش والزخرفة الضاربة في العمق الحضاري للمنطقة، حيث يشتمل طابقه الأرضي على حدائق عدة وفناءات رحبة، كما يحتوي على 121 غرفة و500 باب ونافذة مصنوعة من خشب الأرز المنقوش بمهارة، والمطلي بالألوان الفاتحة الحمراء والخضراء والصفراء، علاوة على 30 رواقا، تكمن مهمتها في تسهيل مرور التيار الهوائي عبر مختلف أرجاء القصر، وحوالي 250 عمودا من الرخام الأصلي.
يحيط بالقصر خمسة أقواس تقابلها حدائق مفتوحة على مصراعيها لاحتضان الطبيعة، فيما يتوسّطه حوض كبير، يقال إن نساء أحمد باي وجواريه كنّ يستجممن فيه بالمياه الباردة المتدفقة من أعلى القصر، والتي كانت في الغالب تتشكل كشلالات تمتد مياهها إلى أسفل القصر حيث تربّى الأسماك.
أما الطابق العلوي من القصر فيؤدي إلى فناء كبير، هو الآخر مزيّن بأروقة ذات أقواس وشقق شبيه بالطابق السفلي، حيث تقول بعض المخطوطات إن أحمد باي أصرّ على أن تكون غرف القصر متشابهة، وربّما ما يميّز الطابق الثاني هو غرفة فاطمة ابنة أحمد باي، التي تبدو بأنها مختلفة عن باقي الغرف، إضافة إلى غرف رحبة، بجوارها حمام ذو هندسة مغاربية كان مخصصا للباي ونسائه.
وقد روّج عن أحمد باي، في عدد من وثائق المستشرقين، أنّ قصره كان يعجّ بالجواري، ويحتضن تحديدا 385 جارية، تقمن في عشرات غرف القصر وأجنحته الفسيحة. وتقول بعض الروايات إنّ الحاج أحمد باي لئن كان محبّا لجمال المعمار فإنّه كان كذلك مهووسا بالنساء الجميلات، ممّا جعله يستكثر الجواري في قصره، إلى جانب نسائه الأربع. ويفسّر بعض الرواة كثرة غرف القصر وتشابهها بأنّ الحاكم كان لا يهوى الاستقرار الدائم في أحد أجنحته، بل يفضّل التجوال بينها كلّ ليلة، والمرور على جواريه، كي لا يعتريه الملل. وتقول بعض المصادر إنّه بعد إخراج الباي من قصره عند سقوط قسنطينة على يد الاحتلال الفرنسي، تحوّل هذا العدد الهائل من الجواري إلى الإقامة في بيت دعارة، في “باب الجابية بالسويقة” أقامه الفرنسيون للغرض، تماما مثلما فعلوا في كلّ المدن الكبرى التي احتلوها في المنطقة.
ومع ذلك فقد شكّك الباحث الجزائري، احميدة عميراوي، في صحّة هذه المعطيات، معتبرا أنها مبالغة مغرضة ومغالطة تاريخية لتشويه أحمد الباي، نظرا إلى عدم وجود أسانيد تؤكّد ذلك سوى وثائق قليلة خلّفها بعض الضباط الفرنسيين مثل شارل فيرو.

يذكر أنّ أحمد باي كان قد عيّن حاكما على بايلك الشرق العام 1826، فشهدت قسنطينة في عهده استقرارا كبيرا إلى غاية العام 1837، تاريخ سقوطها على يد الفرنسيين، بعد معركتين ضاريتين خاضهما الحاج أحمد باي، أي بعد نحو سبع سنوات من احتلال الجزائر. ونظرا لبهاء القصر، اتخذه قائد الجيش الفرنسي، الجنرال بيرتراند كلوزيل، مقرّا له.

الأربعاء، 15 أبريل 2015

أهرامات الجزائر.. أسرار مائة مَعلم مغيّب !



الشروق أون لاين: كامل الشيرازي

كشف الكاتب والباحث "بشير صحراوي" عن مائة هرم جزائري لا تزال مرتكنة في الظلّ، ويعزو صحراوي عدم اشتهار هذه الأهرامات الجزائرية على منوال نظيراتها المصرية، إلى ما يسميه "تعتيم قوى خفية".
في حديث مطوّل خصّ به "الشروق أون لاين"، ينوّه  "صحراوي" بكون أهرامات الجزائر تعد الأقوى في العالم فيما يخص نقل الطاقة، بيد أنّه يستغرب الإهمال الذي يفتك بهذا الموروث، وما يسميه "انفراد البعض بهذه الأسرار".
تابعوا النص الكامل للحوار:

ماذا عن حقيقة الأهرامات الموجودة في الجزائر؟
  هناك أهرامات كثيرة متوزعة على طول الجزائر، وهي أهرامات خارقة للعادة، من منطقتي تيبازة وباتنة، وصولا إلى الهرمين الموجودين بوادي التافنة في تلمسان، فضلا عن 13 هرما بضاحية فرندة التابعة لولاية تيارت، ولو أحصيت جميع أهرامات الجزائر، لتوصّلنا إلى كونها تفوق المائة.
تاريخيا، المسألة تمتد إلى عصور ما قبل المسيح عيسى عليه السلام، حيث كان هناك بمنطقة الغرب الجزائري ملوك على رأس إمارات متناثرة هنا وهناك، ومن آثار ومعالم هؤلاء الملوك الأمازيغ، أهرامات الجدار العجيبة التي تخفي أسرار ورموز كثيرة لم يتوصل بعد الباحثون والمنقبون الجزائريون والأجانب إلى تبيانها وحل أسرارها وألغازها.

ما مدى صحة بناء هذه الأهرامات التي أبهرت الكثير من علماء الآثار والمستكشفين، قبل ميلاد المسيح عليه السلام؟
يرجح أنها قد بُنيت في الفترة نفسها التي بُنيت فيها أهرامات مصر بالجيزة (خوفو، خفرع ومنقرع) وبتفاوت قليل في الزمن، ويعدّ الجدار (أ) هو الأقدم من بين الكل ويعود تاريخه إلى القرن الخامس الميلادي.
أول هرم بُني في مصر، هو هرم جوزار 5 آلاف سنة قبل الميلاد – ثمّ هرم خوفو المندرجة ضمن عجائب الدنيا السبع، بينما الأمازيغ الذي بنوا الأهرامات، كانت لهم حضارة كبيرة جدا، وهي أهرامات بُنيت قبل المسيح، وجرى العثور على جداريات هذه الأهرامات وجدوا رموز إغريقية تدل على وجود علاقة بين قدماء الأمازيغ والإغريق، والإغريق لم يكونوا يتعاملون مع أي شعب.
وهذه الأهرامات المتواجدة على بعد 30 كلم من مدينة تيارت، تكوّن مجموعتين متباعدتين عن بعضهما بـ 6 كلم، وبالجبل المسمى "جبل لخضر" توجد ثلاثة أهرامات مصنفة (أ ب ت) وبجبل عراوي توجد عشرة أخرى مصنفة من (ث إلى ش) بقاعدة مربعة تتراوح ما بين 12م  و 46م  وبارتفاع يصل إلى 18 متر.

متخصصون قرعوا أجراس الإنذار تبعا لحالة الأهرامات وسط مزاعم فرنسية تشكك في أهرامات الجدار ..
  بالفعل، العديد من هذه الأهرامات باتت عرضة للتخريب والسرقة والإندثار، لذا هي في حالة تدهور متقدمة جد
بالنسبة لما أشرتم إليه، يقول الباحث الفرنسي "روني بيار" في أبحاثه المبهمة والغير عقلانية "العصور المظلمة للمغرب العربي" أي من بداية الغزو الروماني إلى الفتح الإسلامي.
هذا الباحث المنحاز لجهات خفية وسرية، يريد أن يوهم الناس أن عصر الأمازيغ كان بدائيا وساذجا والرومان هم الذين جاءوا بالحضارة إلى شمال إفريقيا ويستدل بوجود بعض الكتابات اللاتينية على جدران هذه الأهرامات الفريدة من نوعها.
وقال "بيار" أيضا أن الجدار (أ) هو ضريح لحاكم روماني عظيم حكم المنطقة وأقام بها عمران بديع، لكن كوكبة من الباحثين واكبوا التاريخ الصحيح والموثوق وأثبتوا أنّ هذه الأهرامات يعود بنائها إلى آلاف السنين وهي أقدم المعالم بإفريقيا الشمالية.
وذكر المؤرخ الكبير "ابن خلدون": نقل ابن الرقيق القيرواني وهو مؤرخ وجغرافي ومستكشف عربي مغربي عن المنصور أنه رأى في حملة إستكشافية، آثار قديمة منتصبة فوق ثلاثة جبال وكانت تبدو وكأنها أضرحة فوق ظهور حمير، وعلى إحدى الحجارة لهذه الأطلال اكتشف نقش كتب بلغة قديمة ترجمه المترجمون الأكفاء هذا هو نصه: أنا سليمان الستراتقوسي.
وكلمة ستراتقوسي باليونانية تعني قائد الجيوش. هذا النقش الذي تكلم عنه ابن خلدون وهو المؤرخ القدير الذي له مكانة كبيرة لدى جمهور العلماء والذي يستدل به الكثير من المؤرخين والباحثين، يعطي دلالة على أن الإغريق دخلوا بلاد شمال إفريقيا ووجدوا فيها آثار ومعالم رائعة ومبهرة تعكس قوة حضارة كانت هناك لشعب متعلم متحضر ومحارب متمرد.

وماذا عن أهرامات " الجدار" بفرندة التي تتمظهر كآثار جنائزية وأضرحة؟
في منطقة فرندة، توجد ثلاثة عشر هرما المسماة " الجدار" وهي تبدو كآثار جنائزية وأضرحة لملوك عظماء حكموا الممالك الأمازيغية قبل تأسيس نوميديا من طرف ماسينيسا. وهناك أهرامات أخرى مشابهة لأهرامات فرندة كالهرم النوميدي " إمدغاسن" الموجود ببلدية بوميا التابعة لولاية باتنة والذي يعود بناءه إلى القرن الثالث قبل الميلاد، وكذلك الهرم الضريح للملك الموريتاني النوميدي الموجود ببلدية سيدي راشد التابعة لولاية تيبازة، وضريح "سيڨا" بجبل السخنة في وادي التافنة للملك النوميدي "سيفاكس"، وضريح "بورغو" النوميدي المسمى صخرة "الهنشير بورغو" في القرن الرابع قبل الميلاد، وهناك أيضا ضريح "تين هينان" ملكة شعب الطوارق الأصيل بمنطقة أباليسا في الهوقار بولاية تمنراست، والموجود على علو 850 متر والذي شيد منذ خمسة قرون قبل الميلاد.

كيف تفسرون عدم إدراك الكثير من الجزائريين وجود أهرامات في بلدهم؟
هنا يد مخرّبة في الموضوع، هناك تعتيم، مجموعة من الناس لا تريد كشف كل حقائق أهرامات الجزائر ، لأنّ كشف حقائق يعني وجود حضارة كبيرة في شمال إفريقيا، وذاك ما يفسر بقاء أهرامات الجزائر مجهولة.
ألقيت محاضرة مؤخرا في المجلس الأعلى للغة العربية، ولاحظت إنّ 99 بالمائة ممن كانوا حاضرين يجهلون هذا، مع أنّ الأهرامات الجزائرية حقيقة لا يمكن نكرانها، وأكثرها عراقة الخمس مغارات التي تستوعبها بلدية فرندة بتيارت، بينها المغارة التي كتب فيها العلاّمة "عبد الرحمن بن خلدون" المقدمة الشهيرة.
ونشير أيضا إلى هرم "إيمدغسان" في باتنة، وكذا الهرم الموريتاني في بلدية سيدي راشد بتيبازة، والخلفية معروفة فماسينسا لما كوّن نوميديا اتسعت حتى موريتانيا، علما إنّ الأهرامات الموجودة  في ولاية تيارت بُنيت قبل تشكيل نوميديا.
إلى حد الآن، لا توجد بحوث عدا تلك التي أنجزتها فاطمة قادري الباحثة في علم الآثار      
أضرب مثلا قرية "باجيرو" ببلدية الحامة دائرة صالح باي ولاية سطيف، يُطلق عليها الآن مسمى "باجرو" وهو اسم حاكم روماني، في هذه المنطقة تحس كما لو أنّك في جميلة وهي منطقة رومانية، وهي آثار لم تؤخذ بعين الاعتبار لا من البلدية، أو الولاية وحتى الوزارة.

ما الذي يزعج الجهات المعنية للقيام بأبحاث؟
 
هناك سرّ، راسلنا المسؤولين، ولم يكن هناك رجع صدى، نحس هناك قوة خفية ترفض غوصا أكبر في تاريخ الأهرامات وعرّابيها، مع أنّ تاريخ الجزائر ينطوي على إرث الرومان والفينيقي
هناك أناس منزعجون من تماس الحضارة الأمازيغية بنظيرتها الاغريقية، بينما تراث الفراعنة وكذا المايا والخمير وغيرهما لا يزال يحظ بأبحاث مستمرة، في وقت الأبحاث توقفت فجأة حول ضريح "تينهينان" في "أبالسة"، هو موجود في الباردو، لكن ليس هناك أي إشارة دالة، لأنّ الحقائق التاريخية تقول إنّ تينهنان أمازيغية نزحت من جنوب المغرب الأقصى، من قبيلة "البيرابير" وهي موجودة إلى حد الآن هناك.
تينهنان كانت تجيد علم الفلك، الأدب، وكانت شاعرة كبيرة فضلا عن إجادتها الرياضيات، الفيزياء، الكيمياء، وتثمين هذه الذخائر سيصطدم بخلفية سياسية ، طالما إنّ تينهنان منحدرة من جنوب المغرب، مع أنّ هذا لن يمس بتاريخ منطقة شمال إفريقيا التي كان يؤمّها قدماء الأمازيغ.
وأقحم هنا شخصية "شعيب ابن مدين ابن حسن الأنصاري الاشبيلي الأندلسي" الذي كان في الأندلس ثمّ انتقل إلى المغرب الأقصى، ثمّ بجاية التي استقر فيها علما وتعلما، حيث كوّن ألف عالم في بجاية وكان له أعداء جرى تسميتهم "علماء البلاط"، وتزوج هناك بحبشية مسلمة وأنجب "مدين"، ولم يغادر بجاية البتة، إلا حين استدعاه السلطان المريني في المغرب فمرّ بتلمسان، وهناك مرض ولم يصل جبل سيدي بومدين توفي هناك ، وهو معروف بكون تسميته "جبل العباد" فدُفن هناك، وأقيم له ضريح، عقبها، طلب السلطان المريني أن يُبنى مسجد قرب مكان دفن هذا العالم الصالح.
لكن المؤسف أنّ كل المؤلفات الصادرة، بصيغة "سيدي بومدين التلمساني" مع أنّ لا علاقة له بمدينة تلمسان، وكل المصنفات تربطه ببجاية، والأمر الخطير أنّ ضريح "لالا ستي" في جبل العبّاد وهي أسطورة يهودية صارت بمثابة "تاج محلّ"، وتحاول من أسميها "نخبة الشرّ" وشارك سيدي شعيب أبو مدين رفقة مجموعة من المغاربيين في معركة حطين ومع صلاح الدين الأيوبي، وبُترت ذراعه اليسرى، فقام "صلاح الدين" بإكرام الشيخ وأتباعه، بمنحهم وقف "حائط المغاربة"، وقام "موشي دايان" في 1967، بتدمير كل المكان، ما يبيّن حقده الكبير تجاه الجزائريين

ما الذي يميّز أهرامات الجزائر عن تلك البارزة في مصر؟
لاحظ الفاتحون إنّ الأهرامات الجزائرية مستطيلة الشكل وليست مربعة كأهرامات مصر، تمتاز بالطول: 32 – 34 مترا، والعرض: 15 – 17 مترا.
والسرّ في أهرامات الجزائر هي طريقة بنائها، فهي مخالفة لأهرامات مصر، إذ تنتهي أهرامات الجزائر في الأعلى بقبب وليس كنظيراتها المصرية التي تنتهي بسهام، وتشترك الأهرامات في الجزائر وغيرها في كونها أقوى الأشكال التي تمتص الطاقة، على غرار المسلّة المصممة في برج دبي، والموجودة في مكة – منطقة الرجم – من وقت سيدنا إبراهيم عليه السلام، وفي مناسك الحج، يرجم الحجاج المسلّة لأنّها تجذب كل الأرواح الشريرة.
واللافت إنّ آل سعود نزعوا المسلّة ووضعوها في جبل عرفات، وبنوا مكانها جدارً، وهذه المسلّة تمتص الطاقة السلبية لا الايجابية، ونجدها كذلك في البرازيل، بريطانيا، مصر وغيرها، مثلما هي موجودة أيضا في منطقة البويرة

بحثتم كثيرا في بنية الأهرامات الجزائرية، ماذا عن نشوئها وتموقعها؟
الهرم الجزائري يتضمن العديد من الدهاليز والغرف، وكل غرفة لها خصائصها، وأوضّح هنا إنّ الأهرامات بُنيت بحسب مواقع النجوم، وذاك واضح في حالة فرندة مثلا، والحسابات قيست حسب مواقع النجوم لأنّ الأخيرة لها تأثير على الأرض
والدليل ذلك إنّ الماسونية جرى تدوين فكرها منذ عهد كتب "الكابالا" في الأهرامات على يد "إسحاق الكفيف"، ولما بحثنا في الحضارة الفرعونية، وجدنا إنّ الفراعنة دوّنوا كل أعمالهم بما فيها تحنيط المومياوات، عدا بناء الأهرامات.

وهذا ما يبيّن أنّ أسرار بناء الأهرامات أخذت من طرف نخبة معيّنة...؟
صحيح، هذا دليل على انفراد البعض بهذه الأسرار، والأمر له صلة في رأيي بالضحالة المتكرّسة في ديارنا، ففرنسا 6 آلاف باحث في التاريخ وعلم الآثار، ألمانيا لها 8 آلاف باحث، اليابان 12 ألف باحث، بينما الجزائر لديها 20 باحثا وغالبيتهم من الإداريين الذين لا يقومون بأبحاث.
الأمر مؤس وغريب، حين نقارن بين مساحات فرنسا، ألمانيا واليابان مع مساحة الجزائر، تلك الدول لا تضاهي جغرافيتنا، ومع ذلك تفوقنا، وهذا ما يفرز تساؤلات، خصوصا وأنّ أهرامات فرندة وغيرها، لم تستفد من أي أبحاث، والمشكلة في كون هذه الأهرامات منسية وذاهبة للاندثار.
ولاحظت لدى زيارتي الآثار الرومانية في مدينة جميلة، أمورا غريبة جدا كجلب بنّائين يقومون بأشغال ترميم عشوائية بالاسمنت والآجر   !
أترحم هنا على روح الفقيدة "فاطمة قادري" الباحثة الشهيرة في علم الآثار، التي توفيت عن عمر يناهز 73 سنة، وساهمت بأبحاثها وحفرياتها وكتاباتها لحل وكشف أسرار هذه المعالم التاريخية التي تزخر بها بلادنا منذ آلاف السنين، واستنادا إلى شهادة "فاطمة قادري"، فإنّ الأهرامات في فرندة، تسمى "الجدار" les jdeddars    ، وهو توصيف مأخوذ من العربية
أحست "فاطمة قادري" الباحثة الشهيرة في علم الآثار، براحة نفسية عالية جدا في أهرامات الجزائر وقارنتها بالمساجد سواء في فرندة أو في أماكن أخرى

لماذا صممت الأهرامات الجزائرية بهذه الطريقة وعلى أي خلفية؟
يجب أن نعلم أن هناك علاقة بين علم الهندسة والطاقة وكذلك يجب أن نعلم أيضا أن كل شيء موجود هو عبارة عن طاقة. فإذا فككنا أي شيء إلى أصغر هيكل من الجزيئات سنجد ذرة متكونة من نواة، إلكترونات وبروتونات وهذا يعني أن جوهر كل شيء يتكون من طاقة. فالكون كله طاقة من حولنا والله تبارك وتعالى خلق كل شيء وأعطاه طاقة. ونحن البشر خلقنا الله كناقلي طاقة حيث يمكن التأثير علينا من خلال الطاقة الموجودة حولنا ويمكننا أيضا التأثير على هذه الطاقة التي من حولنا. إذن فبإمكاننا إصدار طاقة إيجابية أو طاقة سلبية وكذلك يمكننا أن نتأثر بطاقة إيجابية أو بطاقة سلبية.      
المهندسون والمصممون الأوائل كانوا يدركون جيدا أهمية الطاقة التي تملأ الكون وتأثيرها على كل ما هو موجود، لذا كانوا يشيدون أبنيتهم بطريقة مدروسة وبحسابات مدققة وفي أماكن محددة من أجل استقبال وإرسال الطاقة. وتكون هذه الطاقة الهائلة هبوطا وصعودا واستقبالا وإرسالا ويمكن استقبالها إما بشكل إيجابي وإما بشكل سلبي.
ومن أهم التصاميم المميزة لنقل هذه الطاقة الأهرامات التي تعد الأقوى في العالم فيما يخص نقل الطاقة. هذه الأهرامات العجيبة والمليئة بالأسرار يعتقد الكثير من الناس أنها مجرد أضرحة لفراعنة وملوك حكموا البلاد والعباد خلال العصور الغابرة، ولكن في حقيقة الأمر شيدت لهدف وغرض آخر لا يعلمه إلا القليل من النخبة الحاكمة في مصير الشعوب والهيمنة على العالم
هذه الأهرامات لم تبنى لتكون أضرحة فقط لفراعنة أو ملوك أو حكام بل لتكون مخابر ودهاليز للاتصالات السرية والمعقدة مع خلائق شريرة تكتسب قدرات خارقة. والعجيب في الأمر أن هذه الأهرامات بنيت حسب مواقع لنجوم معينة تعرفها النخبة حق المعرفة وفي أماكن تكون بها الطاقة قوية جدا. وهناك أيضا الإنحناءات المقصودة لكل هرم وأشياء أخرى معقدة التصميم يطول الحديث عنها حاليا.
لقد تم بناء هذه الهياكل بهندسة دقيقة جدا في تلك العصور وإقامتها في أماكن معينة على نقاط تقاطعات خفية وسرية تسمى (نقاط التقاطع)، ولما تتزامن هذه المنشآت مع نقاط خطوط الطاقة وعلم الهندسة تنشأ بما يسمى "بوابة النجوم" وهذا يمكن بإنشاء مداخل إلى أبعاد موازية لعالمنا.

كيف يتم ذلك؟
 
عندما نطلق طاقة إيجابية تتحد هذه الطاقة مع طاقة خارجية من النوع نفسه، فتبقى في حقل إيجابي ونحس بالراحة النفسية والروحية، وعندما نطلق طاقة سلبية تتحد مع طاقة أخرى سلبية تجعلنا في حقل سلبي للطاقة تعود علينا بالسلبية فنحس بالتعب والضيق النفسي والقلق، فما يرسل منا يعود إلينا. فعلى سبيل المثال عندما ندخل المسجد فإننا سوف نشعر مباشرة بالطاقة الإيجابية الروحية وهذا راجع إلى تلاحم الطاقتين الإيجابيتين للإنسان والمسجد، وبفعل هذه العبادة فإن الطاقة التي يتم نقلها وتداولها تكون بهذه الحالة الإيجابية والروحية، وهذا ما جعل كل المساجد مبنية بنفس الطريقة ونفس التصميم من أجل نقل هذه الطاقة الإيجابية. وللعلم فإن المآذن ذو الثمانية أضلاع والقبب والأهرامات هي أكثر الهياكل قوة من حيث نقل واستقبال الطاقة.

الملفت للنظر أن أهرامات مصر والسودان وأمريكا الجنوبية تختلف تماما عن أهرامات الجزائر، فأهرامات الجزائر المربعة الشكل في القاعدة تنتهي في الأعلى بقبب كقبب المساجد وهذا هو السر في شكلها الفريد والمنفرد، بينما أهرامات مصر والمشابهة لها تنتهي كلها في الأعلى بنفس الشكل (رأس مدبب وهو قمة الهرم)، ما هو السر في هذا الاختلاف ؟  
إنّ الهرم الفرعوني كشكل هندسي فريد من نوعه له خصائص عجيبة ومدهشة تتلخص في اجتماع قوى هائلة خارقة. فمن خلال القمة أي الرأس يمتص الهرم الطاقة الكونية ويوجهها إلى الأسفل ثم تنتشر هذه الطاقة الهائلة إلى مركز القاعدة فينتج خط شعاعي مستقيم من الأعلى إلى الأسفل يشبه شعاع الليزر فتنتج تفاعلات قوية كهرومغناطيسية مكثفة داخل الهرم وهذا كله يتم بتأثير النجوم كالشمس وهو النجم الأقرب إلى الأرض (إله الشمس عند الفراعنة) وقوى كونية أخرى.
وبهذا الكم الهائل من الطاقة تسعى النخبة للتواصل مع العوالم الخارجية الموازية لعالمنا عن طريق علوم السحر (الكابالا) والتنجيم والدجل وتقديم القرابين إلخ.... ولأن هذه الطاقة المركزة داخل الهرم تكون سلبية - طبعا نظرا للأعمال والتصرفات المنافية لطبيعة وفطرة البشر التي تقوم بها النخبة - فهي تجلب الأرواح الشريرة والمخلوقات المؤذية لتتعامل معها وتتعلم منها العلوم الخفية الخارقة كالسحر والدجل والتنويم والتلاعب بالعقول والتحريك الذهني والتخاطر وإلى ما ذلك من مكر وخداع.                                      
الهرم الأمازيغي هو عكس ذلك تماما، فبشكله المربع في القاعدة والمدبب في الأعلى الذي يشبه قبة المسجد - وهذا هو الملفت للنظر حقا- يمتص هو الآخر الطاقة الهائلة الموجودة في الكون والمنبعثة من المجرات والنجوم وأجسام أخرى لم نعلمها بعد، فتحدث بداخله تفاعلات قوية خارقة تكون إيجابية نظرا لقبته في الأعلى التي تميزه عن الأهرامات الأخرى ونظرا أيضا للتصرفات السليمة والعقلانية للإنسان الأمازيغي العاقل والعارف لأمور الظواهر الطبيعة، الهندسة، الحساب، الفيزياء ولكل العلوم والمعارف المفيدة له، فتتولد بما يسمى الطاقة الإيجابية التي تمده بالراحة النفسية والطمأنينة وقوة العقل والجسد وسلامة التفكير تماما كما يحدث داخل المسجد من تفاعلات إيجابية. الإنسان الأمازيغي الذي كان يتحرك بفطرته السليمة وعفويته الناضجة واحترامه لقوانين الطبيعة والتعامل معها بشكل إيجابي وسليم، أحسن التصرف في تعاملاته مع الحضارات والشعوب المجاورة له وتفاعل معها بكل جدية وصدق، كما أخذ وأعطى الكثير من المعارف والعلوم والثقافة والفنون.
لنحيي هذا الشعب العظيم الذي أعطى قوة حضارة لا حضارة قوة. وللتذكير فإن الشعب الأمازيغي هو شعب أصيل سكن شمال إفريقيا منذ القدم (قبل ميلاد المسيح عيسى ابن مريم عليهما السلام) بقرون وهذا قبل دخول الفينيقيين والوندال والرومان والعرب المسلمين أثاء الفتح.                                         

ومن أراد أن يتوسع أكثر في تاريخ الأمازيغ بشمال إفريقيا وبلدان أخرى مجاورة، فعليه أن يراجع كتاب "العبر وديوان المبتدأ والخبر" للمؤرخ الكبير "عبد الرحمان ابن خلدون" ومراجع أخرى موثوقة لمؤرخين وباحثين جزائريين ومستشرقين.