بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 20 فبراير 2014

حياكة الزرابي بمنطقة القبائل.. أنامل تحفظ هوية المكان


     

سمير بركاني  http://www.tahwas.net/?p=608

إنها ولاية ساحرة بجمال طبيعتها و طيبة سكانها ، تيزي وزو أو بلد القبائل كما تسمى عند الجزائريين ، تتناثر فيها القرى و المداشر بين ثنايا جبال جرجرة الشاهقة محدثة فسيفساء رائعة من منازل قرميدية مصنوعة من حجارة المنطقة ، لتظل صامدة لطول الدهر و حافظة لعادات و تقاليد المنطقة.
و لعل أبرز هذه التقاليد حياكة الزرابي ، إذ لا يكاد منزل من منازل هذه القرى المتناثرة يخلو من منسج لأجل نسج الزرابي ، حيث تخصص عادة غرفة من الدار لهذا الغرض يتم فيها تثبيت المنسج بأعمدة خشبية مستقاة من أشجار البلوط تثبت إلى السقف من قبل رجل الدار عادة ، و بعدها تقوم النسوة بوضع الخيوط الرفيعة عليها بشكل متوازي من الأعلى إلى الأسفل حتى ينتج لنا ما يسمى بالمنسج .
 إنه في الحقيقة مكان رائع من البيت الأمازيغي لتمضية الوقت في أمسيات الشتاء ، حيث تلجأ الجدات و النسوة و حتى الفتيات الصغيرات إلى المنسج و يبدأن عملية النسج التي تعتبر نشاطا ممتعا للغاية في جو يسوده الأغاني الأمازيغية التي تكون عادة عبارة عن مدائح دينية تتغنى بصفات الرسول صلى الله عليه وسلم وبالصحابة الكرام وبأولياء الله الصالحين ، وتارة أخرى تكون أغاني مستوحاة من ثورتنا المجيدة.
و في غرفة المنسج تتقسم الأدوار بين النسوة القابائليات ، حيث تقوم بعضهن بغزل الصوف بواسطة أداة تسمى القرباش حتى يصبح خيوطا صالحة للنسج ، و تقوم أخريات بالجلوس وراء النسج و تدخل الخيوط الصوفية داخل الخيوط الرفيعة التي كانت قد ثبتت في المنسج وتشكل عقدة حتى تتراكم العقد أمام بعضها البعض حينها تهذب بواسطة مشط حديدي يحدث صوتا دافئا دفء أجواء الغرفة المفعمة بالنشاط.
و عادة ما تركز النساء القبائليات على إستعمال الرموز الأمازيغية في الزرابي المصنوعة، كما أن حجم المنسج يكون بحجم الزربية المراد صناعتها ، وتلجأ النسوة عادة إلى تلوين الصوف قبل غزلها حسب ذوقهن ، كما أن المسألة لا تقتصر على صناعة الزرابي فقط، بل يتم أيضا من نفس المنسج حياكة البرونس الأبيض الذي يعد رمزا للرجل الأمازيغي و خاصة يوم زفافه، كما يصنع منه زرابي لأداء الصلوات الخمس ، و يصنع منه أيضا الحايك و هو أكثر سمكا مقارنة بالزربية ويستعمل عادة كغطاء أثناء النوم في فصل الشتاء لمواجهة برد المنطقة القارص المشهورة بتساقط الثلوج فيها.

و لا تزال هذه الحرفة ممارسة إلى يومنا هذا داخل البيوت القبائلية برغم التطور الكبير الذي نعيشه، فهي ترمز إلى أصالة المنطقة و تاريخها و تراثها، وتعمل الجدات وربات البيوت على تعليمها للفتيات الصغيرات بإشراكهن في العمل فيها حتى لا تزول.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق