بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 3 يونيو 2017

واشنطن بوست الأمريكية تروج للسياحة في الجزائر العاصمة البيضاء والمدن الساحلية.. مفاجآت تخبِّئها الجزائر لزوارها محبي المغامرة




لأكبر دول إفريقيا –الجزائر- ساحل ذو جمال طبيعي يحاذي البحر الأبيض المتوسط، كما تزهو بمرتفعاتها الخضراء الخصبة وقممها الجبلية المكسوة بالثلج، فضلاً عن كثبان رمالها الذهبية في صحرائها الشاسعة جنوباً.
وعلى عكس جارتيها تونس والمغرب، لا تشهد الجزائر إقبالاً سياحياً كثيفاً، إلا أنها دولة ذات جمال نادر، فهي بحد ذاتها قارة بأكملها تستحق الاستكشاف.
صحيفة واشنطن بوست الأميركية أوردت مقالاً تعريفياً بجمال هذه البلاد ومفاتنها للزوار، نصحت فيه محبي الواجهات البحرية والجولات التنقلية بالباصات والمنتجعات الساحلية بأنهم سيجدون كل ما يبحثون عنه فيها؛ وكذلك لو كنتم تتخيلون الذهاب إلى مكان للنوم في العراء تحت نجوم سماء الصحراء والتجول في عزلة عبر الآثار الرومانية والانبهار بأجمل مناظر شمال إفريقيا، فإن في الجزائر كل ما تطلبون وأكثر.

الجزائر.. العاصمة البيضاء
مما كتبته الروائية من العصر الفيكتوري إيديث وورتون عن الجزائر العاصمة: "لا تضاهيها مدينة قط في موقعها الراقي"؛ فهذه مدينة ذات جمال نادر وتناقض مثير ينسيك نفسك ومكانك.
وتظهر مباني المدينة تاريخ البلاد، من خلال الشوارع الفرنسية عريضة البناء إلى الشقق والقصور العثمانية والمعالم المتبقية من الحقبة الاشتراكية، وحتى قلب المدينة الإسلامي العريق المتجلي في قلعة القصبة المبنية على منحدر تل، تلك القلعة التي دخلت سجل اليونسكو للتراث العالمي، ناهيك عن القلب الاقتصادي للمدينة في ساحات أسواقها، وبيوتها التي ترجع للعصور الوسطى، ومقاهيها التي يكتنفها سحر غامض.
شوارع المدينة متاهات تنتهي دروبها في زرقة خليج الجزائر؛ ثلاثةٌ ترافقك في كل خطوة: البحر والسماء وشجيرات البوغنفيلية (نبات الجهنمية ذو الأزهار فوشية اللون). ليست مدينة الجزائر مجرد تجمعٍ للمعالم الأثرية والمتاحف وحسب، بل هي مكان جدير أن تضيع فيه وتنسى نفسك وتتغلغل في طياته وزواياه. قد تستنفد المدينة صبرك أحياناً، وقد تحبس لك أنفاسك، فهذه المدينة البيضاء هي للكثيرين أجمل مدن شمال إفريقيا وأبهاها.

مدن ساحلية
على بعد نصف ساعة بالسيارة غربي مدينة الجزائر تقع بلدة تيبازة الساحلية النابضة بمنتجعاتها وآثارها الرومانية التي تقف في مواجهة البحر والتي يمكنك حقاً التمتع بخلوة في حضرتها وحدك فعلياً في أي يوم تشاء.
أمَّا وهران فتتمتع بقلب أخَّاذ ذي طابع فرنسي بقي من زمن الاستعمار، لكن تراث المدينة الإسباني هو الآخر بادٍ ظاهرٌ في أقدم معالم المدينة. إطلالتها البحرية أشبه بمشهد درامي في فيلم، وفنادقها ممتازة في تنوعها وخياراتها التي تضم فندق رويال الفخم.
وأما مدينة بجاية، فهي التي شهدت اختراع الشموع قبل قرون خلت، في منطقة القبائل، تشرف بإطلالتها على البحر الأبيض المتوسط ومشهد زرقته وأشجار صنوبره وهوائه. من كل بد عليك تخصيص بضعة أيام لتمكث هناك وتكتشف تلك الشواطئ بحلتها وتلالها وغابات جبالها وينابيعها وشلالاتها المخبأة عن الأعين في منطقة القبائل الشاسعة.

مجاهل غير مكتشفة
تعمّق في الداخل الجزائري وغُص فيه حتى تصل المرتفعات كثيفة الخضرة وعالية القمم الجبلية، حيث المحميات الطبيعية تقدم لزوارها عشاق التجوال كل ما في جعبتها من مسارات تتنوع في مشقتها.
بسكرة هي بوابة الصحراء؛ هي واحة سحرية التجأ إليها المستشرقون لينهلوا منها الإلهام لفنهم، ويغذوا بدوحها خيالهم الإبداعي.
أما ما وراء بسكرة، فهناك تمتد وتمتد الكثبان الرملية بسحرها الغامض؛ إنها الصحراء الكبرى التي تشكل 80% من مساحة الجزائر.

ننصحكم باستقلال طائرة مباشرة من الجزائر العاصمة إلى واحدة من سفاري الصحراء المنظمة تنظيماً جيداً. جبال هقار وتمنراست وغرداية‎‎ والصحاري مترامية الأطراف ذات الصمت المطبق جميعها بانتظار أفواج السياح.

الاثنين، 6 يونيو 2016

مستشفى الشهداء محمودي بتيزي وزو بمواصفات عالمية


مستشفى ‫#‏الشهداء_محمودي‬ مستشفى بمواصفات عالمية متخصص في علاج السرطان والعلاج الكيمياوي و الاورام و الامراض الاخرى فيه اول الاجهزة على المستويين الوطني و الافريقي و العربي في تصوير مقطعي بالإصدار البوزيتروني الثلاثي الابعاد (يرمز لها اختصاراً PET من Positron Emission Tomography والتي تعمل على التحديد الدقيق للأورام السرطانية بدقة جد عالية يوجد هذا الجهاز في أمريكا و الجزائر فقط 
و اجهزة سكانير و Irm جد متطورة 
و جهاز سكلو ترون يقوم بانتاج أدوية عن طريق مسرعات ذرية (طب الفيزياء النووية) كانت الجرعة الواحدة منه (injection ) تكلف المريض اكثر من 50 مليون سنتيم واليوم و الحمد لله يتم انتاجها في المستشفى 
و للمعلومة لقد أصبح هذا المستشفى يجلب الأجانب مثل تونس من أجل العلاج ...انه نجاح للجزائر فكل مكاتب الدراسات و شركات الانجاز جزائرية 100% باستثناء المعدات المستوردة من أمريكا 
كما يوفر المستشفى جميع الخدمات الاخرى كالاستعجالات و التحاليل و الجراحات العامة و الخاصة و ........ 

يقول الدكتور محمودي ابن الشهيد محمودي :لقد كانت لي كل الاختيارات في أوربا لكنني فضلت الاستثمار في بلدي (من هنا اسم الشهداء محمودي اب و اعمام الطبيب محمودي)

الأربعاء، 25 مايو 2016

قصور غرداية.. وجهى لسياحة فريدة من نوعها




تراهن السلطات الجزائرية على أن تستعيد مدينة غرداية، الواقعة على ضفاف وادي ميزاب، ألقها السياحي وعودة الزوار الأجانب والجزائريين بعد موجات العنف التي شهدتها خلال السنتين الماضيتين بين شباب من المالكية وآخرين من بني ميزاب.
وتعد غرداية بوابة الصحراء ومدينة ليست ككل المدن في عمرانها والعادات المترسخة فيها منذ أكثر من نصف قرن، ومن هذا المنطلق تعمل السلطات على ترميم ما لحق بعمران المدينة التاريخي من ضرر. ويعترف المسؤولون في غرداية بتعطل التنمية بسبب الظروف التي شهدتها المنطقة، كاشفين عن بداية انتعاش الأوضاع بعد استتباب الأمن، ودعوا في السياق ذاته المستثمرين ورجال الأعمال إلى الاستثمار في القطاع السياحي، متعهدين بتقديم كل التسهيلات الضرورية.
وحملت المدينة أكثر من تسمية من بينها “تاغردايت”، وهي كلمة بربرية تعني الأرض التي يحيط بها الماء. وتسمية غرداية تعني الغار أو الكهف الذي كانت تتعبد فيه امرأة اسمها “داية”. ويقول الباحثون، إنه رغم اختلاف التسميات فقد وقعت المحافظة على تسمية غرداية في التقسيم الإداري كما يقال لها “بني ميزاب”، حيث توجد غرداية في سهل وادي ميزاب. ويعود تعمير المدينة إلى الآلاف من السنين، ودليل ذلك النقوش البربرية الموجودة على الصخور المجاورة للمدينة، وقد أحاطت بالمدينة الحالية منذ القدم العديد من القصور التي شيدتها القبائل الأمازيغية المعروفة هناك مثل قبيلة “آت ميزاب” وبعض القبائل العربية التي استقرت بالمنطقة .
وصنفت المدينة في العام 1982 كمعلم تاريخي ومكسب للحضارة الإنسانية من طرف اليونسكو، بفضل هندستها المعمارية الفريدة من نوعها والمختلفة عن بقية المدن الجزائرية.
وتحتوي غرداية على سبعة قصور حملت تسميات عربية وبربرية وهي، “العطف أو تجنينت” و”بنورة أو أث بنور” و”غرداية أو تغردايت” و”بني يزقن أو أث ييزجن” و”مليكة أو أث إمليشيت” و”القرارة” وأخيرا قصر “بريان”، وبنيت بحسب ما فرضته الطبيعة الصخرية على المنطقة. ورغم اختلاف هذه القصور في شكلها الهندسي فإنها تتشابه في طابعها العمراني، كما أن القصر يعتبر مدينة صغيرة، حيث يكون المسجد في مدخل المدينة وبعده تأتي المنازل، أما سوق كل قصر فيقع خارج المدينة بهدف السماح للأجانب بدخول السوق دون المدينة وأحيائها السكنية.
وقد خطط القدامى لبناء قصورهم بشكل يجعلهم قادرين على الدفاع عليها من المغيرين ووقايتها من الفياضانات ومقاومة الرياح، وذلك من خلال تحديد رقعة المدينة وإقامة سورها، وحرصوا على حفر الآبار على امتداد العمران. وجعلوا المنازل لا تفتح أبوابها إلا على الداخل.
وتمتاز هذه المنازل بأنها مقللة لإشعاع الشمس في فصل الصيف، حيث تجد البيوت باردة في عز الحر، كما يمتاز كل بيت بقبو بارد ينزل إليه أهل البيت عند ارتفاع درجات الحرارة. وتنتشر المساكن المتشابهة والمتلاصقة في حي واحد به ممر ذو 3 أذرع عرضا يسمح بمرور دابتين لتنظيف المكان.
وتضع وزارة السياحة الجزائرية على باب كل قصر دليلا لإرشاد السيّاح، يُمنع الدخول من دونه، كما يمنع التدخين داخل أروقة القصور.
ويعد قصر غرداية من أكبر القصور ويمتاز ببساطة العمران، كالأزقة الضيقة الموصلة إلى قمة القصر، حيث المسجد العتيق ذو الصومعة ذات الطابع الهندسي الفريد، وله نظام تقليدي لتقسيم مياه الأمطار وتوزيعها لري الحدائق. كما يعرف قصر غرداية بسوقه العتيق لأجود أنواع الزرابي التقليدية التي تحرص نساء المنطقة على نسجها بالمنسج التقليدي، الذي لا يزال يحتل مكانة لدى أغلب العائلات، علاوة على جماليات التحف التقليدية الموجودة به، وعلى رأسها الفخار والنحاس والطين، علاوة على التوابل والفول السوداني الشهير بالمنطقة.
أما قصر إمليشيت “مليكة”، فينقسم إلى قسمين، مليكة السفلى ومليكة العليا وتحيط به أربعة أبواب، باب باعبدالله، أميدول، بن طراش، وإعركوب، وبه مسجد ذو أضلع حادة وبجانبه مقبرة المدينة. وقصر بني يزقن “آث ييزجن” هو نسبة إلى قبيلة بربرية زناتية، ويعرف قصر بني يزقن بسوقه الأسبوعية الشهير وسده الذي يسقي غابات مركيش، تلاث، أوقداش، وغابات إنتيسة الساحرة، كما يمتاز هذا القصر بسوره العالي الذي لا يزال شاهدا على الزمن وبوابته الكبيرة التي لا تزال تغلق كما كانت في الماضي.
أما قصر بريان ومعناه أهل الخيام، فهو بوابة قرى بني ميزاب التي تمتاز بالغابات والأجنة الخضراء التي يلجأ إليها الأهالي صيفا هروبا من الحر.
ويعتبر قصر العطف “تجنينت” كأول قرية بناها الميزابيون، وهي الكدية والمكان المرتفع عن المحيط، ويشتهر ببعض المصليات الجنائزية. ويتربع قصر بنورة على جبل وكأنه يحرس الوادي، ويمتاز بجمال عمرانه وجمال بساتين النخيل فيه، وهو معروف بالتويزة أو التعاون الجماعي في البناء، وكذلك تنظيم زيارة سنوية لمقابر المدينة للتعريف بسيرة السلف الصالح ممن عمّروا المكان بالخير.
ويعد قصر القرارة، ثاني أكبر القصور بغرداية وأول مجموعة سكنية حطت الرحال بعيدا عن الوادي بمسافة تقدر بمئة كيلومتر، بالإضافة إلى أن واحة القرارة تحتوي على عدد هام من منشآت الري، حيث تستوجب حمايتها والعناية بها لأنها تشهد على تاريخ المنطقة. ويذكر أيضا أن المنطقة تحتوي على آثار وبقايا قصور مندثرة تسبق تأسيس قصر القرارة، كقصر “الأحمر” وقصر “لمبرتخ” ومناظر ومعالم طبيعية متنوعة ورائعة كالموائد الصحراوية.
يذكر أن عملية ترميم القصور والمواقع الأثرية شهدت في السابق عراقيل تتمثل في غياب الشركات الهندسية المختصة.






الأحد، 17 يناير 2016

مغارات 'بني عاد' متعة الشتاء في الجبال الجزائرية


تشهد مغارات “بني عاد” ببلدية عين فزة (تلمسان) منذ بداية العطلة الشتوية إقبالا كبيرا للزوار القادمين من مختلف المحافظات الجزائرية وبعض السياح الأجانب الباحثين عن دفء الشمس.
وتتربع مغارات “بني عاد” الواقعة في أعلى جبل عين فزة على بعد حوالي 10 كلم من مدينة تلمسان على مساحة تقدر بحوالي 2500 متر مربع وتصل إلى عمق 45 مترا تحت سطح الأرض وتتشكل من عدة جيوب ذات ألواح طبيعية توحي بمناظر فنية مبتدعة. وتنقسم المغارات إلى قسمين كبرى وصغرى وتتشعب إلى مجموعة من الغرف ذات التسميات المختلفة والمدلولات المتنوعة وفق ما توحي به صور مرسومة على الجدران ومتشكلة من صواعد ونوازل كلسية أبدعتها الطبيعة على مدى القرون المتعاقبة لتعطي بعض التماثيل إيحاءات مثل تمثال الحرية والسيوف والمحارب الروماني، بالإضافة إلى العديد من الصور التي يمكن تفسيرها حسب ذوق ومشارب كل زائر.
ويسعى هؤلاء الزوار من هواة السياحة الجبلية إلى اكتشاف هذه التحفة الطبيعية ذات الأغوار مترامية الأطراف.
*سائح فرنسي: هي من أجمل ما شاهدت من المغارات المولع بها، فهي كالمتحف بتجاويفها وحجراتها ذات المنحوتات الطبيعية، حيث تجولت فيها بكل أريحية، عكس بعض المغارات الأخرى التي اضطررت فيها إلى السير داخل الماء، أو السير منحني الظهر بسبب اقتراب النوازل من الصواعد. وتختلف قاعاتها الثلاث عن بعضها إذ تسمى الأولى بالقاعة الرئيسية، والثانية بـ”قصر الملك.
*سائح من باتنة: أنا مندهش من جمال المكان لكنّني أريد الإسراع بالعودة قبل حلول الظلام حتى لا ألتقي بسيارة أخرى تأتي من الاتجاه المعاكس لأن الطريق ضيق وخطير، والحقيقة أنها تحتاج إلى طريق مزدوج يوصل إلى المغارات من أجل تسهيل التنقلات والقضاء على الحوادث المرورية التي تقع بالطريق الحالي.
*مسؤول في ولاية تلمسان: إدارة الغابات بالمحافظة سطرت برنامجا خاصا لإعادة تشجير الشريط الغابي المحيط بالمغارات والمجاور لشلالات “الوريط ” الذي تضرر في السنوات القليلة الأخيرة من الحرائق التي أتلفت مساحة كبيرة من الغابة بهذه المنطقة السياحية. كما أن البرنامج يتضمن غرس شجيرات الصنوبر الحلبي داخل المساحة الغابية وأشجار الكرز بالأراضي الفلاحية المجاورة لها من أجل تزيين محيط المغارات.


الأحد، 13 ديسمبر 2015

قصر “أحمد باي” العثماني بالجزائر … هوية دولة وتاريخ شعب




لا يزال قصر الحاج أحمد باي بقسنطينة ( 430 كلم شرق الجزائر العاصمة) شاهدًا على إنجازات الدولة العثمانية وبطولات الباي أحمد (1786-1850) الذي شيّد القصر بطريقة جعلت منه إعجازًا عمرانيًا، يحمل بين جدرانه هوية دولة و تاريخ شعب.
هذا الصرح العمراني المتميز يقع بقلب المدينة القديمة بقسنطينة، في حي القصبة العتيق، يمتد على مساحة تقدر بـ 5600 متر مربع، ويعود تاريخ بنائه إلى الفترة  بين (1825 و1835)، ويعود الفضل في تشييده لآخر البايات العثمانيين، الذين حكموا الجزائر، ويتعلق الأمر بالباي أحمد بن محمد الشريف بن أحمد القلي، الذي حكم بايلك (منطقة) الشرق لمدة 16 سنة، وهو من والد تركي وأم جزائرية تدعى الحاجة الشريفة وهي من عائلة عريقة تسمى عائلة بن قانة.
وحسب المشرفة العامة على القصر، خلف الله شادية، في حديثها للأناضول :”قصر الحاج أحمد باي هو واحد من المعالم الأثرية الفريدة من نوعها، فهو منارة معبأة بعبق التاريخ، الذي يعكس حضارة شعب بأكمله وعظمة و إنجازات رجل (الباي أحمد)، سجل اسمه بأحرف من ذهب في تاريخ مدينة قسنطينة والجزائر على حد سواء.
و حسب خلف الله، فقد قام ببناء القصر حرفيون وبنّاءون مختصون، وفق تصاميم عمرانية وهندسية متميزة، استلهمها الباي أحمد من رحلاته المختلفة وزيارته لبعض قصور الحكام والملوك، حيث يتكون من حديقة واسعة تتوسطها نافورة مائية، وفيها العديد من الأشجار المثمرة والنباتات الزهرية، وأخرى أقل منها مساحة و27 رواق تم شقها بطريقة متميزة، لتسمح بمرور التيار الهوائي والنسمات المنعشة في فصل الصيف.
ويزيّن الأروقة أكثر من 250 عمودًا من الرخام الفاخر، الذي جلب من عدة دول، إلى جانب مسبح ينقسم لجزئين.
وأضافت خلف الله بأن بناء القصر استغرق 10 سنوات، وكان مقر الحكم ببايلك الشرق، و يتكون من 121 غرفة و45 بابًا و60 نافذة و2300 متر مربع من الأسقف الخشبية، تم صناعتها من خشب شجر الأرز، وعليها نقوش إسلامية مختلفة، تم طلاؤها بالألوان الصفراء والحمراء والخضراء، وهي نفس الألوان التي تم اعتمادها في دهن جميع أسقف القصر وزجاج النوافذ وباحات الاستقبال.
المتجول في القصر يقف أيضًا، عند أحد أجزائه على ما يسمى بـ “دار أم النون ” نسبة إلى والدة أحمد باي التي كانت تقيم في هذا الجزء من القصر، وبه ولد أحمد باي، والذي تحول فيما بعد إلى مكان تستحم فيه نساء وجواري القصر، خلال فصل الصيف، بالمياه الباردة، التي تتدفق من الأعلى.
ويتوسط المكان شبه خزان من المياه كانت تعيش فيه أسماك معظمها من اللون الأحمر، وكانت تحظى بعناية خاصة من قبل نساء القصر، شأنها في ذلك شأن العصافير والبلابل التي كان يحتفظ بها الباي أحمد في غرفة خاصة.
ويوجد في منتصف القصر الجناح الإداري، أو ما يسمى بمجلس الباي، وجناح القضاء وبه محكمتين إحداهما للتقاضي حسب المذهب المالكي وأخرى حسب المذهب الحنفي، وتوجد به 14 نافذة تطل على جميع أجنحة القصر، وفيه الجناح المخصص للنسوة، وتتوسطه نافورة رخامية وغرف الحمام.
كما يتوسط القصر ما يسمى بالجناح الشتوي، على شكل بيت مصغر يسكن فيه الباي وعائلته في فصل الشتاء، أما الطابق الثاني ويسمى “العليّة”، فكان مخصصًا لأفراد الحرس، والطابق تحت الأرضي كان مخصصًا كإسطبل للحيوانات واستخدمه الفرنسيون عند احتلال المدينة كسجن.
وتزين جدران القصر ر سومات على مساحة 2000 متر مربع، وتعتبر مرجعًا تؤرخ لحياة الحاج أحمد باي، و تعكس مختلف التجارب والرحلات التي قام بها على مدار 15 شهرًا (1818/1819) وذلك قبل تعيينه على بايلك الشرق، ورافق في بعضها داي الجزائر العاصمة، وقادتهما إلى دول الشرق الأوسط، مرورًا بتونس وطرابلس الليبية وميناء الإسكندرية، الذي رست به الفرقاطة التي كان على متنها الباي وداي الجزائر، وصولاً إلى مساجد القاهرة واسطنبول المعروفة بالجامع الأزرق ذي المآذن الستة ( السلطان أحمد)، والحجاز ومكة المكرمة، إلى جانب المعارك التي شارك فيها الباي أحمد، ومختلف إنجازاته بمدينة قسنطينة والجزائر.
وحسب مديرة القصر فإن الرسومات تحمل صورًا لـ 36 سفينة شراعية، و 66 فرقاطة، و78 نوعًا من الأشجار، إضافة لـ 134 شجرة نخيل، والمئات من المباني، و 69 مئذنة، و55 قبة، وعدد هائل من العبارات والجمل، 23 منها فقط يمكن قراءتها، وصورًا لـ 4 قصور، و7 طواحن هوائية، وأنواع مختلفة من الطيور إلى جانب عدد هائل من الأشكال الهندسية الإسلامية والشرقية.
واستطردت خلف الله :”هذه الرسومات تم طمس بعض معالمها من قبل الاستعمار الفرنسي، بعد احتلاله لقسنطينة عام 1837، حيث قام بوضع خمس طبقات عليها كما أدخل بعض التعديلات، غير أن القصر بقي محافظًا على معالمه، خاصة بعد عمليات ترميمه لاحقًا، وكان لها دور كبير في الحفاظ على معالم القصر كما كانت في زمن أحمد باي.

هذا ويعد القصر حاليا مزارًا ومعلمًا سياحيًا وثقافيًا، يؤمه يوميًا كثير من السياح للوقوف على معالمه، وذلك بعد أن كان مغلقًا بسبب أعمال الترميم، وإعادة تأهيله، كما أصبح يحتضن تنظيم العديد من الفعاليات الثقافية والفنية كحفلات المالوف (نوع غنائي تشتهر به مدينة قسنطينة)، والمعارض الفنية، وتلك التي تختص بالصناعات التقليدية.

الثلاثاء، 8 ديسمبر 2015

' قبر الرومية' يحفظ قصة حب ملك أمازيغي



تنام مدينة تيبازة الجزائرية على ساحل البحر الأبيض المتوسط كالعروس، فاتحة عينيها على حضارة القرن الحادي والعشرين، غير أنّها لا تعيرها اهتماما، لكونها مدينة تضرب بجذورها في أعماق التاريخ، فهي إلى اليوم لا تزال تحتضن كنوزا أثرية تتحدث بكل اللغات التي مرّت على هذا المكان واستوطنته.
ومن المعالم التاريخية المذهلة التي تزخر بها محافظة تيبازة التي تبعد مسافة 70 كلم غرب الجزائر العاصمة، ذلك الضريح الذي يحلو لسكان هذه الولاية الساحلية تسميته "قبر الرومية".
هو قبر ضخم، إسطواني الشكل، يتكون من صفائح حجرية متساوية الحجم وينتهي بمخروط مدرج. وتظهر من خارجه 60 عمودا، ويحتوي في داخله التاريخ الذي جمع بين الملك الموريتاني يوبا الثاني وسيليني كليوباترا ابنة كليوباترا ملكة مصر الفرعونية.
والملك يوبا الثاني ملك الامبراطورية الموريتانية كان يعشق زوجته كليوباترا سيليني حتى الجنون حيث حزن عليها بعد وفاتها حزنا شديدا إلى درجة أنه قرر أن يخلد ذكراها بضريح بناه لها على شكل تحفة معمارية خالدة تحاكي أهرامات مصر في منطقة سيدي راشد بمحافظة تيبازة.
قصة الحب هذه وقعت في الفترة اللوبية الفرعونية التي كان فيها تحالف بين مملكة الفراعنة والمورتانيين بعد أن قام الملك الشيشنق بالتدخل لحماية مصر من غزو جيش الحبشة وبطلب من فرعون مصر، فترة التحالف هذه دامت أكثر من ثلاثة قرون شهدت تزاوجا بين العائلتين الملكيتين، غير أن قصة كليوباترا سيليني ويوبا الثاني كانت أكثر قصص الحب قوة التي دوّنها التاريخ عبر صفحاته حتى تحولت إلى أسطورة يجسدها قبر الرومية أو الضريح الموريتاني.
هذا القبر الذي يحمل الكثير من صفات الأهرام، هو معلم تاريخي يحاكي عظمة الحضارة الأمازيغية التي عرفت أوجها في عهد يوبا الثاني الذي يعد من أقوى الملوك والقادة العسكريين لإمبراطورية موريتانيا، الاسم القديم لمنطقة المغرب العربي بين 25 قبل الميلاد و23 ميلادي وكانت عاصمته أيول وهي شرشال حاليا تبعد 90 كلم غرب العاصمة الجزائر، كما عرفت حقبته بالازدهار والرخاء كونه كان ملكا مثقفا.
ومما يميّز هذا الضريح وجود أربعة أبواب وهمية ضخمة يصل علوّ الواحد منها إلى ما يقارب سبعة أمتار، يحيط بها إطار بنقوش بارزة تشبه إلى حدّ بعيد شكل الصليب، الأمر الذي جعل بعض الباحثين في علم الآثار يعتقدون أنّه مبنى مسيحي، ومنه جاءت ربما تسميته “قبر الرومية” اشتقاقا من كلمة “الرُّومي”، بمعنى الروماني أو البيزنطي.
وتمّ تصنيف هذا الموقع الذي يطلق عليه أيضا “الضريح الملكي الموريتاني”، وهي التسمية المعتمدة لدى المؤرخين والمتخصصين في علم الآثار ضمن التراث العالمي للإنسانية في سنة 1982، كما صُنّف منذ سنة 2002 ضمن قائمة التراث العالمي لمنظمة التربية والثقافة والعلم التابعة للأمم المتحدة (يونيسكو)، بوصفه واحدا من الأضرحة الملكية الموريتانية والمواقع الجنائزية لفترة ما قبل الإسلام.
أمّا عن المحاولات التي قام بها الباحثون لاكتشاف أسرار هذا القبر، فلعلّ أهمّها تلك التي قام بها عالم الحفريات والآثار الفرنسي أدريان بيربروغر في عام 1865، تنفيذاً لطلب نابليون الثالث، ومن خلالها توصل إلى العثور على باب سفلي ضيّق يقع تحته باب خلفي من الناحية الشرقية وهو ممرّ سريّ للضريح.
وعند اجتياز باب القبر، يجد الزائر نفسه في رواق يضطرّه للانحناء عند المشي، تعلو حائطه الأيمن نقوش تمثل صورة أسد ولبؤة، لذا سمّي “بهو الأسود”. وعند اجتياز هذا الرواق، يجد الزائر نفسه مرة أخرى في رواق ثان طوله 141 مترا وعلوّه 2.40 متر، شكله ملتو ويقود مباشرة إلى قلب المبنى الذي تبلغ مساحته 80 مترا مربعا.

ولمعرفة زمن بناء القبر، فإنّ بعض المؤلفات الرومانية القديمة تقول إنّه يعود إلى 40 سنة بعد الميلاد، أي إلى عهد استيلاء الرّومان على مملكة موريتانيا، وهذا حسب ما يذهب إليه بعض المتخصصين في الآثار الرومانية، حيث يؤكدون أنّ الملك “يوبا الثاني” وزوجته “كليوباترا سيليني”، هما المشرفات على بنائه، ويستندون في ذلك على أن “يوبا الثاني” كان ملكا مثقفا يتذوق فن العمارة، وقد جلب إلى عاصمته شرشال تحفاً فنية اشتراها من بلاد اليونان.