بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 6 مارس 2014

تقاليد الزواج في المجتمع الأغواطي5



قال رسول الله " يا معشـر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج" يفكر الوالدان في تزويج الذكر: في سن 17 سنة 18 سنة أي لا يزال في المراهقة لماذا ؟ لكي يتحمل المسؤولية بعد والده في خدمة الأرض لأن الوظائف كانت قليلة لذا يتولى الابن أو الأبناء بصفة عامة عمل الأرض بعد والدهم لكي لا يهاجروا إلى فرنسا بحثا عن طلب الرزق التي كانت وجهةالجزائريين في أغلب الأحيان.
أما بالنسبة للفتاة فكان ما بين 14 و 15 سنة وأحيانا يكون أقل. فهكـذا كان التقليد السائد في ذلك الوقت.
و البنت لها "03 " خرجات : من بطن أمها إلى الحياة. من بيت أبيها إلى زوجها. و من بيت زوجها إلى القبر. لكن أغلب الأحيان كانت المرأة تحرج في الليل أو مع بزوغ الفجر.
             الخطبة:
تتم عن طريق اختيار العائلة دون مراعاة للعروسة "جميلة أو لا " -الخاطبة (الخـطّـابة)و هي التي تتنقل بين البيوت لتخطب لأبناء الأسر المحافظة لكنها أحيانا تكون غير- مؤتمنة. يقال للبنت"لقد زوجناك" دون أن تسأل العروس من هو العريس. الخطبة يقوم بها النساء مع إخبار أب العريس بأنهم سيخطبون بنت فلان، فتتم الموافقة من طرف أهل العروس.
             التمليك (الـدفوع): بعد الخطبة يكون ما يسمى " الدفع" أو الشرط، يقوم به النساء أي دفع مبلغ من المال غير متفق عليه وغالبا ما يكون مجموعة من المواد الغذائية ولباس " سكر،قهوة، حنة، لباس، البخور، الريحية"و هو حذاء من شرك".
يؤخذ كل هذا بالزغاريد إلى بيت العروس مع مبلغ مالي رمزي، يرحب بهم في بيت العروس بتقديم القهوة والشاي الأخضر والحلويات.
             الجــهــاز:
بعد الموافقة والقبول أثناء مرحلة التمليك التي تمت بتقديم الدفـوع من طرف أهل العريس إلى أهل العروسة وذلك إعلانا بالمصاهرة أي أن عائلة فلان صاهرت فلان بحيث لا يجوز لأحد أخر خطبة هذه العروسة أي أن هذه العروسة على ذمة هذا الرجل، فإذا حدث العكس يكون عداءا شديدا بين العائلتين.
و في هذه الفترة لا يكون من الوجوب على أهل العريس إحضار الهدايا أو ما شابه ذلك في المواسم والأعياد. يتم الاستعداد للعرس بتجهيز العروسة وكذلك بيت الزوجـية بكل ما تتطلبه الأسرة من أثاث وغيره.
             جهاز العروس:
- جوخين: وهو غطاء السرير
- زربيتين : هو النوع الذي يكون فيه النسيج غير بارز ويسمى (الكسر)
- المسند : المساند" مرقوم رقمة الأغواط : تسمى اليوم بالكسر، الأشكال التي ترسم عليها- أغصان، أشياء لها علاقة بالمعتقدات الأسطورية مثال:مشطة سيدي بن السهلي، العريس راكب على العود، حب الرمان،........).
- مخايد أو وسائد 04 أو 06: وهو جمع مخدة ووسادة منسوجة من الصوف
- جريدى: حجم كبير لشخصين : وهو الذي يوضع على السرير للنوم عليه يكون مصنوع من الصوف - مرتبتين من الصوف من الحجم الصغير -.
             الحــلى: أما فيما يتعلق بالحلى فيتكون من :
- السلطاني : هو مجموعة من النقود الذهبية"الدينار المجيدي " في عهد السلطان عبد المجيد في خيط أسود والخمسة في الوسط.
- العقد : وما يسمى ب "الشنتوف" أو "الخناق
- المشاريف : وهي أقراط الأذنين من نوع دق المنشار من الحجم الصغير ومن النوع الكبير التي تسمى بالشنقالات.
- المقفول : وهي أقراط كبيرة من نوع آخر.
- العصابة : تأتي فوق الرأس أو خيط الروح في الجبهة، وتكون في وسطه حجر كريم - الجبين -.
- منديل الجدايل : التي يركب عليها الجبين أو خيط الروح أو العصابة.
- المعصم : توضع فيه (المنافيخ) مصنوع ومن اللويز، وكذلك الحدايد " الربطة " أو المسيبعة ونوع آخر يسمى "الدح" أو "السوار".
- الخواتم : ثلاث خواتم في الأصبع الواحد.
- الصدر : يزين بالرعيشة، الصارمة أو الصارمية ومقدارها 30 جمل.
- اللبة : نوع من الحلي تكون قطع الذهب فيه مربوطة بخيط أسود.
- الخلخال : وفيه عدة أنواع وأشكال، مثل " الذوادي "، وخلخال " رأس الحنش المظفور " والنوع الشائع هو العادي المصنوع غالبا من الفضة وأحيانا من الذهب ويسمى كذلك بالبريم.
- الحزام أو الزنار : الذي يحيط بخصر المرأة بحيث يكون من فضة وله أشكال مزخرفة.
الكسى، الحزام، الملحفة، القاط : يلبس فوق كل هذا، الغليلة، الريشات تكون من ذهب يوضع فوق الملحفة.
             الفاتحة:
تتم بعد الخطبة بفترة طويلة لتتمكن العروس من تحضير جهازها لأنها تصنع باليد كالزرابي والكسى وغيرها.
يتفق على يوم واحد لقراءة الفاتحة في يوم مبارك وجرت العادة أن ليلة الأحد أو الخميس أي تبركا بيوم الاثنين والجمعة من ختان أو زواج ،فالفاتحة تكون في بيت العروس أو المحكمة الشرعية " الأحوال الشخصية " عند القاضي الشرعي أو نائبه الباش عادل، وبحضور الشهود من أوليائهم بحيث تكون في الصباح والاحتفال في الليل بدعوة القاضي ورفاقه لحضور الحفل يقدم فيه القهوة والشاي والكسكس المحلى بالعسل والزبدة ويكون مزينا بالزبيب ويقدم معه الحليب، الدقلة والحلويات كالمسكوتشة، وحلوة الطابع، الشراك العريان، تزدام العازب، بوسو يطيح نصوا وغيرها من الحلويات.
بعد الفاتحة تجدد الخطبة بين ولي العروس وولي العريس أمام القاضي في البيت فيخطب أب العريس لابنه فيقول خطبت فلانة لابني فلان، ويتفق على الصداق مثلا حاجتين من الذهب. والصداق متقدم ومتأخر فالمتقدم يكون قبل الزواج أي قبل ليلة الزفاف أما المتأخر فيكون أضخم من المتقدم لرهن العريس وإثقاله على الطلاق لأنه يكون صغير السن وغير واع ويشترط على أب العريس أو عمه أو جده وقد يتنازل عنه فيما بعد أي بعد دوام الزواج لفترة طويلة.
تبصم المرأة بإصبعها في عقد الزواج وكذلك الزوج فتطلق الزغاريد والعايدي.
بعد إتمام عقد الزواج تذهب عائلة العريس إلى بيت العروس فتطلب أم العريس وتقول : " ماذا بيكم نشوفو العروس " أي يسرنا أن نرى عروسنا، إذا كانت العروس ليست خجولة تأتي لرؤيتهم وعند دخولها تطلق الزغاريد والعايدي مثلا : "يا صغيرة يالي خوتك سبعة"، " شيخ القوم يا وصيف حل الباب لا نجيب فاس نهدوا"
أم العروس توصي ابنتها أمام أم العريس فتقول : " يابنتي يا لا لا ويستقم أيامك تهلة في العجوز والشيخ لي قدامك".
وتقول لأم العريس أي نسيبتها الجديدة : " تهلي في الأمانة، ابنتنا تربية الدلال ما تحمل الهانة " بمعنى احتفظي بالأمانة.
بعد الفاتحة وإجراءاتها وما يترتب عنها يتفق الطرفان على يوم الزفاف الذي يسمى ب "التراوح" : أي انتقال العروس من بيت أبيها إلى بيت زوجها وفي هذا اليوم تتزين العروس بأجمل ما لديها من مناديل الرأس" بالجدايل" "العباريق"، توضع على أكتاف العروس. وتتزين بالحلي كخيط الروح، الجبين والكحل.
             حـمّـام العروس:
الوضوء توضي الخادم العروس ويضعون في الماء : الملح، الفلفل حبة قمح كفأل أيضا وذلك كله في قصعة كبيرة وتقوم بهذه العملية سيدة لها مكانتها الاجتماعية أي تكون ولودا وغير مطلقة فتقوم بتحميم العروس والإشراف عليها بمساعدة وصيفيتها التي تنزع ثياب العروس وترميها للبنات العواتق لكي تتزوجن بعدها.
             ليلة الحنة:
و هي بمثابة الفأل بالخير والرزق والبشائر فالحنة هي الفاصل بين الحزن والفرح، ولا يقام عرس بلا الحنة ولا تكتمل زينة العروس إلا بها. يحضر لهذه المناسبة أكلة "الفتات" أو"الرفيس" فتتم في حفل بهيج تحضره النساء من أقارب وجيران ويكون لباس العروس عبارة عن : فستان أغواطي- البخنوق- اللحاف. ويفك شعر العروس ويظفر على شكل فتائل وتشد بشرائط من حرير أخضر اللون وتتزين بالحلي ويوضع لحاف أبيض شفاف على وجه العروس. وتجلس بين النسوة وتقدم سيدة من الحاضرات الحناء في طبق من فخار مغطي بمنديل فتصنع الحناء على يد العروس اليمنى بالزغاريد والمواويل.. و أيضا في هذه الليلة يحنى للعريس مع أصحابه تعبيرا عن الفرحة وتفاؤلا بها. في صبيحة اليوم التالي، تكون العروس مهيأة لترك بيت أبيها والانتقال إلى بيت زوجها.
             ليلة العرس-التراوح:
تكون هذه الليلة بمثابة ليلة العمر بالنسبة للفتاة المقبلة على الزواج، تستعد فيها نفسيا بإعطائها بعض النصائح من طرف أمها، بطاعة زوجها واحترام عائلته وقبل ذلك تكون الفتاة قد تعلمت الأعمال المنزلية من طبخ ونسيج والقيام بواجباتها كزوجة.
في هذه الفترة يزيد خجل وقلق العروس من الوضع الجديد التي ستعيش فيه نظرا لصغر سنها وإقبالها على العيش في كنف العائلة الجديدة.
مع ملاحظة أن العريس لا يرى ولا يلتقي بعروسه إلا في ليلة الزفاف وحتى الزيارات بين العائلتين تكون محدودة. قبل مغادرة العروس لبيت أبيها تحـضر لها بسيسة العرائس بالتمر والسميد والسمن العربي كفأل خير وتذهب بعض النسوة أو وصيفتها من أهل العروس إلى بيت العريس بأخذ الجهاز وتزيين غرفتها بالفراش وإشغال البخور لتطييب المكان.
وعند ما يحين وقت مغادرة العروس لبيت أبيها إلى بيت زوجها، تجهز لها فرس بيضاء لتركبها ويكون ذلك ليلا، بالزغاريد والمواويل المحلية في موكب بهيج وعند الوصول، تستقبل العروس من طرف أهل زوجها برش الماء عليها كفأل خير. في ليلة العرس تقام وليمة العرس بتقديم الكسكسى إلى الضيوف وعندما ترتاح العروس في غرفتها يلتحق بها أهلها لحضور مراسم الزفاف لليلة الأولى أو كما تسمى ب (الدخول). أما العريس فيكون كالملك بحيث يكون في خدمته شخص ينعتبالوزير الذي يقوم على خدمته. ويجلس بين أقرانه وعادة ما يكونوا من الشباب وهو مغطى الرأس بشاشية البرنوس في انتظار الدخول على عروسه.
             لباس العريس: عبارة عن بدلة تخاط عند الخياط تتألف من
- البدعية: وهي التي تكون مفتوحة الصدر بدون أكمام توضع بداخلها الساعة - - القميص : وهو القميص الرجالي- - السروال العربي : يكون بحوض كبير بتستيفة، تسمح له بتحديد خصره- - الحزام: ويكون عادة من الجلد الأحمر- - الحذاء : مصنوع من الجلد ويعرف بالمنطقة بصباط " البست"- - البرنوس : " الجريدى" وهو النوع الشائع بالمنطقة- - الشاشية : وهي غطاء الرأس وعادة ما تكون بالون الأحمر- - الشاش : وتسمى " اللحفاية" التي يعقل بها الرأس-
             ما بعد العرس:
في الغد تأتي الخادمة لها بفطور الصباح ويليه الغذاء والعشاء دائما من دار أبيها بعد ذلك بيت عمها وخالها فكل يوم يأتوهم بقصعة كسكسى وذلك لمدة أربعة أيام واليوم الرابع يكون يوم " التحزام" و" حب الرؤوس" : تقوم العروس بتقبيل أهل العريس جميعا وذلك للتعرف أكثر على أهل زوجها فتقوم النساء الكبيرات في السن بإعطائها مبلغ بسيط من المال.
و في هذا اليوم يجهز أهل العروس قصعة الكسكسى التي تكون أكبر من سابقاتها تكفي ل 200 شخص وطنجرة فيها العسل وسمن الغنم ترسل إلى بيت العريس.
في يوم التحزام تتزين العروس بأجمل ثيابها وحليها وتلبس "الوقاية" و"القاط" و" القليلة و" الحزام" ومناديل الرأس" وتعرض فساتين العروس على الحاضرات من النساء.
اليوم السابع: تحزم ركبتها أي تعقل رجلها كالناقة وتحضر العروس " العصيدة " وهي عبارة عن مرق يتكون من السميد والطماطم وبعض الأعشاب المحلية فهو بمثابة اختبار لمهارة العروس في الطهي.
اليوم الثامن : تدق الوتد " دق الوتيدات وتربي للوليدات " تحضيرا لعملية نسج الزرابي
بعد العرس أو الزواج لا تخرج العروس من بيت زوجها إلا بعد مرور سنة أما عندما يوافي زواجها شهر رمضان فتذهب ليلة السابع والعشرن من شهر رمضان وتسمى " العوشير" للإفطار وقضاء السهرة وترجع بعد ذلك حاملة معها السحور.
و أيضا بعد العرس يحضر جيران العروس صينيات من الحلويات "القاطو" مع أباريق من الشاي والقهوة فتقوم عائلتها بإحضارها إلى بيت زوجها كتهنئة "واجبة " أو "باروك" لأهل العروس.
هذا فيما يخص العرس الأغواطي الذي كان بسيطا بساطة أهله، فقد كان بمقدرة جميع الناس ودون مواجهة المشاكل المادية التي تعبق الشباب على الزواج.
ما يلاحظ على العرس الأغواطي هو أن سكان الأغواط كانوا محافظين جدا فكما ذكرنا لم يكن يسمح للعريس برؤية عروسه إلا في ليلة الزفاف وفلم يكن الاختلاط مسموحا أثناء العرس ولا بعده. ولم تكن تزف العروس بالموسيقى كما هو اليوم ما عدا الطبل والمواويل التي كانت تتغنى بها النسوة.

و العرس الأغواطي الذي كان تقليديا محضا دخلت عليه عدة تغيرات كبيرة بسبب تأثيرات خارجية وأيضا الاحتكاك بالمدن الأخرى التي أكسبتها طابعا حديثا واندثرت منه عدة عادات وتقاليد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق