بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 28 مارس 2015

مدينة الألف قبة وقبة كنز دفين في قلب الصحراء الجزائرية




يقول مختصون إنه “منذ عشرات آلاف السنين، كانت منطقة وادي سوف تنتمي جيولوجيا إلى الكتلة القديمة البلورية التي تكونت أثناء العصور الأولى من تاريخ الأرض الجيولوجي، والتي تتألف من الغرانيت والنيس والميكاشيست والكوارتزيت، وبعد تعرض سلاسلها الجبلية للتعرية اجتاحتها مياه البحار القديمة، فكادت تغمر كامل الرقعة الصحراوية الحالية، ولكن انحسرت المياه أثناء العصر الفحمي. وأثناء عصر الأيوسين (بدء الحياة الحديثة) خلال الزمن الجيولوجي الثالث تعرضت الصحراء لعوامل التعرية الجوية التي أثرت على تضاريسها فطبعتها بطابعها المميز الحالي.
ويقول العلامة ابن خلدون “كان الناس يستظلون في ظل الأشجار عند تنقلاتهم من طرابلس إلى الزيبان، ولعل حرق الكاهنة وهي قائدة بربرية لتلك المناطق إبان الفتح الإسلامي يشير إلى ذلك.
ولعل ما يشهد برأي المختصين على العصر الحجري في سوف “وجود الصوان المسنون والأدوات المختلفة الأنواع والأحجام كرؤوس السهام المصنوعة بدقة ومن مختلف العصور.
ويقول مؤرخون إن إقليم السوف (محافظة وادي سوف حاليا) كان في ما قبل التاريخ غنيا بالحيوانات والنباتات، كما أنه عرف حضارات متعددة منذ العصر الحجري، ولقد عرجت العديد من الرحلات والهجرات الإنسانية عبر السوف، الذي كان مقرا للقبائل البربرية الزناتية لمدة طويلة، ثم استعملته جيوش الرومان للعبور نحو الشمال، أما أول القبائل العربية فقد وصلت إلى السوف في القرن السابع تقريبا، وكان السكان الأصليون لهذا الإقليم يعيشون في الخيام ويمارسون تربية المواشي والتجارة، ولكن زراعة النخيل جعلتهم يستقرون في بيوت من الجبس.
وتعد مدينة الوادي الواقعة على الحدود مع تونس وليبيا، من أجمل مدن الصحراء الجزائرية في الظرف الراهن بفضل طابعها المعماري الجذاب، حيث ترتفع القباب على كل بنايات المدينة بطابعها الفردي والعمومي والشعبي والرسمي، وهي صومعات تصنع من الجبس المحلي وتدخل في أبجديات المعمار المحلي لتحمي ساكنيها من قيظ الصيف وقرّ الشتاء، فهي تؤدي دور المكيفات الهوائية بمنطق الحياة الحديثة.

ويعتبر مسجد وسط المدينة والسوق الأسبوعية القلب النابض للمدينة، حيث يتدافع جمهور من المتنزهين والباعة والمشترين يغمرهم عبير التوابل وتكتنفهم القيم الأصيلة ذات الدلالة الرمزية العريقة. وتختزل الرسوم الجدارية الأربعة في مدخل المدينة لزوار وضيوف المدينة تاريخ وادي سوف منذ العصر الحجري الأخير إلى غاية حرب التحرير الوطني الأخيرة. كما يشكل متحفها المتواضع رواية تحكي قصة الإنسان السوفي وتستعرض مسيرته عبر القرون.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق