كانت أورلال في القديم تسمى(وعلان) كما جاء في النسخة
التونسية (وغلان) في سنة 460 هجرية وهي بلدة من بلاد الزاب القبلي أو الصحراوي فهي
من القرى تضم قبائل صنهاجة ،ملوك القلعة من بني رمان وآثارها باقية إلى يومنا هذا في
المكان المسمى بالأسوار….
وتعرضت هذه المنطقة إلى الاحتلال من طرف الرومان
وأقاموا فيها مدينة جنوب وادي الجدي سميت آنذاك بجميلة الصغرى(القصبات) وتشهد بعض البقايا
الأثرية على الأثر الحضاري الروماني رغم التخريب والسرقة في عهد الاستعمار الفرنسي
وكذلك ساقية (بنت الخس) حزام حدود الدولة الرومانية عرفت هذه المنطقة الإسلام في ق
7 ميلادي الموافق للقرن الأول للهجرة 63 ه على يد الصحابي الجليل “عقبة بن نافع” رضي
الله عنه بعد بسكرة وتمكن المسلمون بعد ذلك من طرد الحاميات الرومانية وعادت الأرض
إلى أصحابها ،وبعدها تمكنت عائلة بني رمان من التحكم في زمام الأمور ببسكرة وما جاورها
من قرى وتعود هذه العائلة إلى قبائل “صنهاجة”.
وفي سنة 443 هجرية هاجرت قبائل عربية ومنها بنو
رمان وبنو هلال إلى إفريقيا حيث أن زحفهم هذا شبه انتشار الجراد واستقرت بعض القبائل
في مناطق الزاب وبسكرة وتخلو عن التنقل والترحال لما وجدوه من خيرات وسهولة العيش في
هذه المناطق ومن الأسر التي تسلطت على الجميع أسرة بني مزني التي سلم إليها الحفصيون
“ملوك تونس مقاليد الحكم وكانت هذه الأخيرة منبعا للظلم والتسلط مما أدى إلى ظهور أشخاص
مناهضين إلى هذا التعنس من بينهم العلامة “سيدي سعادة ” ذلك الشيخ التقي الورع الذي
حارب الظلم والفساد فشن عدة معارك ضد حاكم بسكرة “منصور بن فاضل بن مزني ” وفي 705
ه استشهد”سيدي سعادة” في هذه المعركة التي وقعت في منطقة أورلال وامليلي وحمل رأسه
إلى “ابن مزني ” وبقيت هذه الآثار لحد الآن بين أورلال وزاوية ابن واعر التابعة لبلدية
امليلي.
وتوالت الأحداث على هذه المنطقة إلى حد أن رحل الأتراك بالجزائر في القرن
العاشر الهجري الموافق للقرن السادس عشر ميلادي حيث نصبوا حكاما موالين لهم أما في
منطقة أورلال تم تنصيب “حسن آغا” سنة 1541 م وبعده”صالح رايس” الذي منحه الأتراك لقب
شيخ العرب وفي 04 مارس 1844 م تمكنت القوات الفرنسية بقيادة ابن الملك الفرنسي “الدوق
دومال” من دخول بسكرة بعد معارك طاحنة ومن أكثر المناطق التي أثارت اهتمام الفرنسيين
منطقة الزيبان وخاصة الزاب القبلي الذي يزخر بمياهه العذبة التي يوفرها كل من “وادي
امليلي” و”وادي كلبي” التي أدت إلى اخضرار المنطقة وامتيازها بالخضروات والفواكه ومن
أشهرها النخيل والزيتون كما قال عنها المؤلفان الفرنسيان”ماركيو دامريك” و”جورج هرتر”:(امخادمة،أورلال،بيقو،امليلي
حولتنا إلى واقع مخضر بينما”كاسترون جومو”لو يعيد تخطيط إمبراطورية روما).
لمحــة عن الموقع الجغرافي
الحدود الجغرافية: أورلال بلدية من بلديات ولاية
بسكرة متواجدة في الجنوب الغربي لولاية بسكرة ضمن مجموعة الواحات المكونة للزاب الغربي
يحدها : ـ شـمـــــالا : بوشقــــــــــــرون . ـ جنوبــا : بلدية اسطيل ولاية الوادي
. ـ شرقــــــا : بلديـــة امليـــــلي . ـ غربــــا : بلديــــة امــــخادمــــــة
. وتم تقدير عدد السكان فــــي : 31/12/1998 بــ : 5834 نسـمـــــــــة .
الآثار الرومانية بأورلال منطقة أورلال غنية بشواهدها
وآثارها التاريخية التي تدل على أنها منطقة من المناطق ذات الموقع الإستراتيجي الذي
جعل الرومانيين يستقرون بها ويشيدون بها مدينة من أكبر المدن في ذلك الوقت التي سميت
(جميلة الصغرى ) أو( جميلة 02 ) و تقع هذه الآثار جنوب وادي جدي و هي عبارة عن معسكر
رماني ، أقامها الرومان لحماية حدودهم الجنوبية ، و هي عبارة عن القاعدة الخليفة لهذه
الدولة ، و مازلت أثارها قائمة الى حد اليوم و ذلك رغم العوامل الطبيعية و البشرية
عليها ، حيث أقام عليها المستعمر الفرنسي حفريات خلال سنوات 1947 الى غاية 1949.
وفي ما يلي شهادة حية لأحد المواطنين يبين فيها سرقة القطع الأثرية التي
كانت تزخر بها أورلال . هذا المواطن هو السيد : محمد بن عمر بن مسعود بن حميدة بن صيفي
المدعو (حمى قرابة) المولود خلال 1918 من عائلة لكحل أولاد لكحل الزابية القدامى يتحدث
عن نفسه قائلا “كنت أدرس في أحد المدارس الفرنسية بين سنة 1928 – 1932 على يد مجموعة
من المعلمين منهم : – خنفر – علام أحمد – علي بوذهب القلي- سيزون “فرنسي” و لما أصبحت
أتقن اللغة الفرنسية استدعاني العقيد ” جون بارداز ” – طيار فرنسي – فإختارني كرئيس
للعمال وأمرنا بالبحث في منطقة جميلة الكائنة جنوب وادي جدي والقيام بالحفريات على
أي قطعة أثرية رومانية وذلك في سنة 1947 إلى غاية 1949 كان عدد العمال في ذلك الوقت
مايقارب 30 عاملا منهم : عيسى كحيل – بورحلة صغير وأخيه عبد الله- أحمد رايس وأخويه
محمد وعبد القادر- لخضر دلاح – زياد رايس- العقون فرحات – عامر لخذاري – بلقاسم حماني
بن الطاهر – التركي جحيش . كنا نجمع التماثيل والرخاميات والحجارة المنقوشة ونضعها
في صناديق وتحمل إلى فرنسا .
هذه شهادة حية لأحد سكان أورلال يبين فيها مدى التخريب
الذي لحق هذه المنطقة كغيرها من مناطق الوطن على يد المستعمر الفرنسي وأعوانه محاولين
بذلك طمس الحضارة الوطنية .
من أعلام أورلال العلامة الشيخ السعدوني: هو السعدوني
بن المداني بن خليفة السوداني وابن صحرة بنت يحي من السحاري (بيطام ) ولد على وجه التقريب
سنة 1874 باورلال من أسرة متوسطة الحال متزوج وأب لخمس أبناء دخل مدرسة الكتاتيب في
جامع سيدي مرزوق وكان عمره خمس سنوات تتلمذ على يد الشيخ أحمد بن سليمان بن علي بن
الهادف بلهادف فحفظ القرآن في سن الحادي عشر على يد شيخه أحمد بن سليمان ثم رحل في
طلب العلم إلى سيدي عقبة “بسكرة” ثم قسنطينة (المدرسة الكتانية ) وبعدها انتقل إلى
تونس جامع الزيتونة ثم الأزهر الشريف بمصر ورجع إلى وطنه مسقط الرأس في سنة 1918 .بدا
عمله كمرشد في المسجد العتيق الكائن بالبلد ما تبقى منه الآثار .يوضح للناس أمور العقيدة
والتفسير والفقه الصحيح عن المذهب المالكي . فهو فقيه وفلكي ومتصوف من أصدقائه الإمام
” بيوض “. زاره الإمام الشيخ ابن باديس مرتين الأولى سنة 1927 والثانية في 1929 وكان
يلح عليه فيها بالانضمام إلى جمعية العلماء المسلمين. بعد الزيارتين للشيخ عبد الحميد
بن باديس أصبح هناك إقبال على حلقات الشيخ السعدوني وأصبح المسجد لا يسع لطالبي العلم
وفي سنة 1927م فكر السيخ السعدوني ببناء مسجد آخر فطل من المدعوا”الحاج محمد بن إبراهيم
قسميه “(ابن القاضي)بإيهابه قطعة أرض لبناء مسجد حيث شرع الشيخ في وضع الحجر الأساسي
للمشروع في نفس السنة وتم بناؤه في سنة 1930 م وتم تجديده وتوسيعه سنة 1937 م وفي سنة
1931 م استدعي الشيخ إلى مؤتمر العلماء في الجزائر العاصمة فألقى محاضرة قيمة فنالت
إقبال وصداق كبير من طرف الحاضرين وبعد رجوعه أصابه مرض ألزمه الفراش وفي أوائل فصل
الصيف جوان 1931 م وافته المنية ودفن في مقبرة بن ضحوى في زاوية بن واعر بلدية امليلي
وواصل تلاميذه ومحبي الشيخ السعدوني توسيع هذا المسجد وبناء منارة سنة 1937 م فحمل
هذا المسجد اسم الشيخ السعدوني تكريما له ولعلمه.
العلامة سيدي سعادة: هو سعادة بن مسلم إحدى شعوب
رياح كانت أمه تدعى “خضيبة” وكانت في أعلى مقامات العبادة والورع ،نشأ في الزهد وارتحل
إلى المغرب وأخذ العلم على “أبا إسحاق التسولي” وتفقه عليه ورجع إلى وطنه رياح بفقه
صحيح وورع وافر ونزل طولقة وأخذ بنفسه في تغيير المنكر على أقربائه وعشيرته وأصحابه
فاشتهر بذلك ،وكثر أتباعه من قومه وأصحابه وبايعوه على إقامة السنة كما سمي أصحابه
بالمرابطين(ألسنية) ،فشن الحرب عن قطاع الطريق من شرار البوادي ثم تخط بذلك إلى عامل
الزاب يومئذ “منصور بن فاضل بن مزني” بإعفاء الرعايا من المكوس والظلومات. وكانت بسكرة
تابعة إلى صاحب بجاية “بني حفص” وهو “الأمير خالد بن الأمير أبي زكريا” فطلب المزني
من الأمير خالد المدد فأمده بالجيش وذهب إلى طولقة بالقبض على سعادة فخرج منها فبنى
زاوية بأنحائها. وزحف سعادة وأصحابه إلى بسكرة وحاصروا “ابن المزني” سنة 703 ه ثم عاودوا
حصارها سن 704 ه ثم غزا امليلي وحاصرها أياما أهل هذه المنطقة بعثوا بالصريخ إلى ابن
المزني ،فحاصروهم ليلا عساكر ابن المزني ،وقتل سعادة في هذه المعركة التي قامت بين
أورلال وامليلي سنة 705ه وحمل رأسه إلى “ابن المزني” وبقية هذه الآثار قائمة لحد الآن
بين أورلال وزاوية بن واعر التابعة لبلدية امليلي.
مشاركة وصور : زوبيري أدريس / جمعية الوفاق الثقافية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق