جامعة الجزائر – بن يوسف بن خدة، هي أعرق معاهد
التعليم العالي في الجزائر، وإحدى أقدم الجامعات العصرية في العالم العربي، إذ أسّست
بموجب القانون المؤرخ في 30 ديسمبر عام 1909 مع الإشارة إلى أن تاريخ تأسيس بعض مكوّناتها
يعود إلى فترة أسبق، مما يجعل بعض كلياتها من الكليات الجامعية الأقدم في الدول العربية.
قانون 1909 أدّى إلى تأسيس أربع كليّات هي: مدرسة
الطب والصيدلة، ومدرسة العلوم، ومدرسة الآداب والعلوم الإنسانية، ومدرسة الحقوق. ويعود
تاريخ مدرسة الطب والصيدلة إلى عام 1833 وكان التدريس فيها يجري ضمن مستشفى مصطفى باشا
الشهيرة، وبموجب القانون المؤرخ يوم 20 ديسمبر 1879 المُنشئ للمدارس العليا في الجزائر،
تحوّلت المدرسة إلى مدرسة عليا للطب والصيدلة، وبموجب قانون 1909 تحوّلت إلى كلية للطب
والصيدلة تابعة لجامعة الجزائر. ولقد عرفت الجامعة إبّان الفترة الاستعمارية تطوّرات
نوعية وبنيوية متنوّعة لكنها كانت تصبّ في خدمة غايات المستعمر الفرنسي. إلا أن مهمّتها
بعد الاستقلال تمثّلت في إعداد الكفاءات والكوادر التي كانت البلاد في حاجة إليها،
وعرفت خلال هذه المرحلة أيضا العديد من التحوّلات التنظيمية والبنيوية. وهي تشكلّ اليوم
قطبا من أقطاب العلوم والمعرفة في الجزائر.
أما مدرسة الآداب، التي بدأت فيها الدروس الأولى
في اللغة العربية والأدب العربي والشريعة، فبدأت الترخيص بتقديمها ابتداء من عام
1832 حين سمح للمترجم العسكري آنذاك بتلقين دروس في العربية لصالح الموظفين والعسكريين.
وعلى الرغم من أن مستوى تعليم اللغة كان ابتدائيا، فإنها شكلت النواة الأولى لمدرسة
الآداب بالجزائر، والتي تحولت فيما بعد إلى كلية للآداب والعلوم الإنسانية تابعة لجامعة
الجزائر عام 1909 بعدما كانت المدرسة من أبرز مدارس الاستشراق. وبفضل نشاطها المكثف،
جرى بالتدريج إنشاء مؤسسات تابعة أو غير تابعة لجامعات فرنسية مثل مدرسة الأساتذة لبوزريعة
التي برزت إلى الوجود عام 1900، ثم مدرسة التجارة التي أسست عام 1900 أيضا ومعهد الدراسات
الزراعية الذي أنشئ عام 1905.
وأما بالنسبة لمدرسة الحقوق فبوشر بها فعليا عام
1857 قبل تأسيسها الفعلي عام 1879. ومن ثم صارت جزءا من الجامعة الوليدة عام 1909 ثم
في عام 1957 أصبحت كلية الحقوق والعلوم الاقتصادية بالجزائر. وفيما يخص مدرسة العلوم،
فقد أنشئت هذه المدرسة عام 1868 وشرع في نشاطاتها البحثية ابتداء من عام 1880، حين
تولت تدريس علوم الجيولوجيا والكيمياء وعلم النبات، ولعبت دورا بارزا في تطوير الزراعة،
وألحقت بالجامعة عند تأسيسها عام 1909، وبها عدة معاهد ومختبرات أبرزها:
المعهد البيوتقني والبيومتري (المؤسس عام 1845)،
ومعهد النظافة والطب لما وراء البحار (1923) ومعهد الأرصاد الجوية وفيزياء الكواكب
(1931)، ومعهد البحوث الصحراوية (1937)، ومعهد التربية البدنية والرياضية (1944)، ومعهد
العلوم السياسية (1949) وغيرها.
ولكن منذ الاستقلال عام 1962 وحتى اليوم تطورت الجامعة
بوتيرة سريعة، لا سيما بعد إصلاح التعليم العالي عام 1971، فمنذ ذلك العام تطورت الجامعة
تنظيميا وهيكليا من خلال عدة مراحل مهمة، من أبرزها بين عامي 1974 و1978 إنشاء جامعة
العلوم والتكنولوجيا (25 أبريل 1974) وانفصال كلية العلوم عن جامعة الجزائر (24 سبتمبر
1978)، ومن ثم غلب اختصاص العلوم الاجتماعية والإنسانية على جامعة الجزائر بعد انفصال
كلية العلوم عنها وإلحاقها بجامعة العلوم والتكنولوجيا، وعام 1984 جمعت المعاهد القديمة
للعلوم الطبية وجراحة الأسنان والصيدلة في المعهد الوطني العالي للعلوم الطبية الذي
أصبح مستقلا عن الجامعة. وبين عامي 1984 إلى 1999 جرى تكريس نظام المعاهد حيث أصبحت
الجامعة تحتوي على 14 معهدا هي:
- معهد العلوم القانونية والإدارية (الحقوق)
- معهد العلوم الاقتصادية - معهد اللغات الأجنبية - معهد اللغة العربية وآدابها - معهد
علم الاجتماع - معهد علم النفس وعلوم التربية - معهد الترجمة - معهد التاريخ - معهد
الفلسفة - معهد العلوم السياسية والعلاقات الدولية - معهد علوم الإعلام والاتصال -
معهد علم المكتبات والتوثيق ومن ثم بين عامي 1998 إلى 2009 اعتمدت العودة إلى نظام
الكليات عام 1998 وصار عددها سبع كليات. اليوم يزيد عدد طلبة الجامعة على 100 ألف طالب
وطالبة، وتحتوي مكتبتها قرابة مليون مجلد. وعلى صعيد خريجيها وطلبتها القدامى درس فيها
نخبة من الشخصيات الجزائرية، على رأسهم المفكر والأكاديمي الدكتور محمد أركون والدكتور
إلياس زرهوني مدير معاهد الصحة الأميركية، ومن الساسة الشيخ محفوظ نحناح ومحمد الصديق
بن يحيى، والأدباء واسيني الأعرج وأحلام مستغانمي ورشيد ميموني، والإعلاميتان خديجة
بن قنة وفاطمة بن حوحو.
ومن غير الجزائريين الأديب الفرنسي الشهير ألبير
كامو والمستشرق الفرنسي جاك بيرك.